للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر: ١٦-١٧] .

قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: اعْلَمْ أَنَّ لَكَ أَرْبَعَةً مِنَ الْأَعْدَاءِ، فَتَحْتَاجُ أَنْ تُجَاهِدَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

أَحَدُهَا: الدُّنْيَا هِيَ غَرَّارَةٌ مَكَّارَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥] .

وَقَالَ تَعَالَى: {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: ٣٣] .

وَالثَّانِي: نَفْسُكَ وَهِيَ شَرُّ الْأَعْدَاءِ، وَالثَّالِثُ: الشَّيْطَانُ، وَالرَّابِعُ: شَيْطَانُ الْإِنْسِ، فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْ شَيْطَانِ الْجِنِّ، لِأَنَّ شَيْطَانَ الْجِنِّ يَكُونُ أَذَاهُ بِالْوَسْوَسَةِ، وَشَيْطَانَ الْإِنْسِ هُوَ رَفِيقُ السُّوءِ، يَكُونُ أَذَاهُ بِالْمُوَاجَهَةِ وَالْمُعَايَنَةِ لَا يَزَالُ يَطْلُبُ عَلَيْكَ وَجْهًا يَرُدُّكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ

٩٥٤ - وَرَوَى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، يَعْنِي حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ الطَّاعَةَ لِكَيْ تَنْفَعَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَغْفِرَةَ» .

وَرُوِيَ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ الْعَجَبُ مِمَّنْ هَلَكَ كَيْفَ هَلَكَ، وَلَكِنَّ الْعَجَبَ مِمَّنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا يَعْنِي أَنَّ الْجَنَّةَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، وَالنَّارَ قَدْ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، وَإِنَّ فِي كُلِّ نَفْسٍ شَيْطَانًا يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ وَمَلَكًا يُلْهِمُهُ وَلَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ يُزَيِّنُ وَيَخْدَعُ، وَلَا يَزَالُ الْمَلَكُ يَمْنَعُهُ فَأَيُّهُمَا كَانَتِ النَّفْسُ مَعَهُ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ

<<  <   >  >>