للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فإني وجدت العجم يفضلون العرب في هذه النكتة المشار إليها، فإن شاعرهم يذكر كتابا مصنفا من أوله إلى آخره شعرا، وهو شرح قصص وأحوال، ويكون مع ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة في لغة القوم، كما فعل الفردوسي في نظم الكتاب المعروف بشاه نامه، وهو ستون ألف بيت من الشعر، يشتمل على تاريخ الفرس، وهو قرآن القوم، وقد أجمع فصحاؤهم على أنه ليس في لغتهم أفصح منه١، وهذا لا يوجد في اللغة العربية على اتساعها وتشعب فنونها وأغراضها، وعلى أن لغة العجم بالنسبة إليها كقطرة من بحر.

اللهم صلِّ على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين.


١ الفردوس هو أبو القاسم الفردوسي أكبر شعراء الفرس في القرن الرابع الهجري. ويراه الإيرانيون أكبر شعراء الفرس جميعا. ولد بين سنتي ٣٢٠ و٣٣٠هـ وتوفي سنة ٤١١ أو ٤١٦ وهو ناظم ملحمة الفرس الكبرى المعروفة بالشاهنامة أي كتاب الملوك. والمشهور أن أبياتها ستون ألف بيت، ولكن النسخ المختلفة الموجودة الآن تزيد على ذلك وتنقص، وقد اتصل الفردوسي بالسلطان محمود الغزنوي وقدم له الشاهنامة، فأعرض عنه، ولم يحسن جائزته، فتركه الشاعر مغاضبا. وهجاه بأبيات مثبتة في بعض نسخ الشاهنامة. وله غيرها قصة يوسف وزليخا. وليست الشاهنامة مقصورة على تاريخ الفرس وحروبهم، بلى بها روائع في الوصف والقصص العاطفي والعظات والحكم والحكم وهي فوق ذلك مثال في روعة الأسلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>