للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يصح كلام الأحناف إذا وجد شخص ثالث، أو كانا في مكان لا يصلح للخلوة.

أما إذا كان أحدهما مريضًا أو صائمًا صوم فرض أو حاجًا، فالخلوة صحيحة، ويتحقق بها الدخول، وهذا مذهب الحنابلة؛ لأن المريض قد لا يمنعه المرض من المعاشرة، والمحرم أو الصائم قد يرتكب المحظور (١).

واستدلوا بما يأتي:

١ - قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (٢) قال الجصاص في أحكامه (٣): «وقد أخبر أن الإفضاء اسم للخلوة، فمنع الله تعالى أن يأخذ منه شيئا بعد الخلوة، وقد دل على أن المراد هو الخلوة الصحيحة التي لا يكون ممنوعا فيها من الاستمتاع؛ لأن الإفضاء مأخوذ من الفضاء من الأرض، وهو الموضع الذي لا بناء فيه، ولا حاجر يمنع من إدراك ما فيه، فأفاد بذلك استحقاق المهر بالخلوة على وصف، وهي التي لا حائل بينها، ولا مانع من التسليم والاستمتاع إذ كان لفظ الإفضاء يقتضيه» ونوزع الاستدلال بحمل معنى الإفضاء على الجماع كما فسره غير واحد، وقد تقدم.

٢ - ما أخرجه البخاري (٤) من حديث ابن عمر في قصة المتلاعنين وفيه: قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فأبيا، ففرق بينهما. قال الرجل: مالي! قال: «لا مال لك، إن كنت صادقًا فقد دخلت بها، وإن كنت


(١) ينظر: المغني (٧/ ١٩٢).
(٢) النساء: (٢١).
(٣) (٢/ ١٤٧).
(٤) كتاب الطلاق، باب: المهر للمدخول عليها (٥/ ٢٠٤٥) ٥٠٣٤.

<<  <   >  >>