للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرى الطفل العقاب كتهديد لتركيبه الذاتي أو لمفهوم الذات فحتى الآن يدرك نفسه كموضوع لحب لا ينضب ولكن والديه الآن يمسكان بالحب عنه وتتعرض حاجاته للعطف فورًا للإحباط وقد يعرف أنهما قد يمسكان بالحب عنه إلى الأبد "إحساس الطفل بالزمن ضعيف كما أشرنا" لقد عبر والداه في الماضي عن حبهما له بواسطة الاحتضان والمعانقة أو الربت والملاطفة أو الكلمات الرقيقة ولكن كلماتهما الفظة ولكماتهما "أو صفعاتهما تبدو له الآن بما هو نقيض الحب.. النبذ والإهمال" فلتوقعاته للحب والأمان قد انقلبت رأسًا على عقب، ويحدث ارتباك في تركيب الذات لديه كلما حاول مواجهة هذا الموقف المربك.

ومن السواء أن يتوافق الطفل مع هذه القيود الضرورية حيثما يكون ناضجًا بدرجة كافية ليكتشف ما يتوقعه والده منه مدمجًا التوقعات الوالدية في تركيب الذات لديه, ويبدي بعض الأطفال عدم رغبة في تقبل هذه القيود ولكن الكثير منهم لا يتقبلها بدون أن يمر خلال فترة أو أكثر من التمرد خلال هذه الفترة، يكون الطفل حقيقة في نضال ضد الضرورة التي تفرض عليه أن يغير من مفهومه لذاته والمعركة لا تنتهي إلا باستسلامه للواقع بأنه ينبغي أن يتقبل التغير.

يخبر معظم الأطفال بعض الصراع الانفعالي في سياق تعلمهم التحكم في حوافزهم ويبدأ الطفل في العام الثاني أو الثالث من الحياة في تعلم أنه لا يستطيع أن يثق بنفسه في تتبع حوافزه، وإذا فعل ذلك فسوف يتردى في اضطراب مع أناس مهمين جدًا، مع والديه، ولكي يحمي نفسه مما يبدو له كفقدان مهدد للحب، وهو العقاب أو النبذ أو الإهمال فهو مضطر لأن يغير تركيب الذات بواسطة أن يدمج فيها شيئًا مما يوقفه في المرة التالية عن الإتيان بالأفعال التي تسبب عدم رضا الوالدين، وهو يحقق هذا التغيير عن طريق تبنيه لمعايير والديه وعن طريق تعديل توقعاته لنفسه وتبنيه لهذه المعايير مثل تلك الأحكام بأن بعض الأشياء خاطئة أو سيئة وغير متقبلة لتفسير سلوكه، وعليه أن يتوقع أنه سوف يفعل أشياء تكون خاطئة أو سيئة إذا لم يراع أن يضبط نفسه وحينما يسيء التصرف يشعر بالذنب ووخز الضمير لأنه لم ير إلا توقعاته ويشعر أنه قد أحط بنفسه، وقد يستجيب لذلك بعقابه لنفسه مباشرة كأن يستجيب لمشاعر الذنب بطريقته المميزة للتعبير عن الإحباط مثل ثورات الغضب، ولوم الآخرين. سرعة التقلب، السلبية، قضم الأظافر، التصرف بطريقة أصغر من سنه، وهكذا.

<<  <   >  >>