للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والضمير هو المصطلح الذي نستخدمه في لغتنا اليومية لوصف هذا الجانب الضابط المعاقب من تكوين الذات لدينا وهو ما لدى أصحاب التحليل النفسي "الأنا الأعلى" والضمير نموذج أو طريقة للاستجابة لأنفسنا نموذج يتعلمه الأطفال ممن هم أكبر منهم سنًا ويبدأ عقاب الضمير يحتل مكانة أكبر في ضبط سلوك الطفل أكثر من العقاب البدني الذي قد يتلقاه من والديه، ويصبح في بعض الأحيان مجرد التفكير في بعض التصرفات غير السلمية كافيًا لإثارة مشاعر الذنب ويؤدي الأمر ببعض الأطفال خاصة أولئك الذين يعيشون في بيوت مليئة بالقيود التي تقيد كل مناشطهم لأنهم يشعرون أنه من الأسلم لهم أن يفعلوا ذلك من أن يجروا لأنفسهم عدم الاستحسان سواء من ناحية ضميرهم أو من والديهم.

وكلما أخذ تطور نمو الطفل نحو النضج تأخذ وظائف ضميره طباعًا أكثر إيجابية، وعلى الرغم من أن الضمير يستمر ليكون مصدرًا للذنب والقلق حتى لدى الأطفال الأسوياء، إلا أنه يقل تحريكه للاضطرابات السلوكية المميزة لطفل العامين والنصف من العمر، وكلما تعلم الطفل أن يعرف والديه أفضل وأن يدركهما بطريقة مختلفة يأخذ اتجاهه نحوهما في التغير وبالتالي يتكون ضميره، وطالما أن اتجاهه نحو ضميره "المعايير الوالدية الاستجوابية" ليس إلا نسخة مطابقة لاتجاهه نحو والديه، فإنه سوف يغير مشاعره نحو ضميره بقدر ما يغير مشاعره نحو والديه, ويبدأ في الإعجاب بطريقة سوية بالوالد الذي من جنسه، الأولاد بالأب والبنات بالأم، ويحاول الطفل مطابقة سلوكه بسلوك الوالد ويبدو الوالدين خلال هذه السنوات المبكرة، كأعمدة للقوة والاستقامة ويشعر الأطفال أنهم إذا فعلوا نفس الأشياء التي يفعلها الوالدان سوف يكونون أقوياء ولا يتعرضون للوم وتأنيب.

وكلما يندمج الطفل مع جماعات اجتماعية خارج أسرته "كجماعة الرفاق.. المدرسة.. إلخ" يصير على اتصال بمجموعات جديدة من المعايير يدمجها في تركيب الذات لديه مثلما حدث بالنسبة للمعابير الوالدية في مرحلة مبكرة فهو الآن يجد نفسه مهمومًا بمشاعر الذنب ليس فقط كنتيجة "لكونه رديئًا"، ولكنه أيضًا كنتيجة لكونه "مختلفًا" ومشاعر الذنب تعبر عن نفسها كإحساس بالخجل عند التخلي عن الممارسات المقررة داخل الجماعة أو كخوف من أن يكون مختلفًا أو كخوف من أن يكون مهملا أو منبوذا من الآخرين إذا كان الفرد مختلفًا جدًا.

<<  <   >  >>