للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أُرِيدَ بِهِ الْإِنْسَانُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْأَنِيسِ مَا حَصَلَ بِهِ أُنْسٌ ; فَهُوَ جِنْسٌ عَامٌّ دَخَلَ فِيهِ الْيَعَافِيرُ وَالْعِيسُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَا إِشْكَالَ.

وَأَمَّا الْأَوَارِيُّ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ الْأَوَاخِي مِنْ وَتِدٍ أَوْ حَبْلٍ يُدَقُّ فِي الْأَرْضِ وَتُشَدُّ إِلَيْهِ الدَّابَّةُ.

قُلْتُ: فَإِذَنْ هِيَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ مَا يُسْتَأْنَسُ بِهِ، وَهِيَ الدَّوَابُّ ; فَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْأَنِيسِ مَجَازًا.

وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يُسَمُّونَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ مُنْقَطِعًا، وَيُقَدِّرُونَ إِلَّا فِيهِ بِمَعْنَى لَكِنَّ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ ; لِأَنَّ لَكِنَّ مَوْضُوعَةٌ لَهُ يَسْتَدْرِكُ بِهَا الْمُتَكَلِّمُ خَلَلًا وَقَعَ فِي كَلَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إِلَّا يُسْتَدْرَكُ بِهَا نَحْوُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: «وَجَوَازُ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الْآخَرِ عِنْدَ بَعْضِهِمِ اسْتِحْسَانٌ» .

هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَتَقْدِيرُهُ: كَيْفَ تَمْنَعُونَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَتُجِيزُونَ اسْتِثْنَاءَ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ، وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ، وَهُمَا جِنْسَانِ؟ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْخِرَقِيِّ فِي «الْمُخْتَصَرِ» .

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ فِي صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الْآخَرِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ قَوْلَانِ لِأَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنْ مَنَعْنَاهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لَمْ يُرَدَّ عَلَيْنَا، وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ ; فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ مُسْتَثْنًى عَنِ الدَّلِيلِ.

وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ هُمَا أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ، وَقِيَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>