للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: مِائَةٌ إِلَّا تِسْعِينَ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْفَعُ بَعْضَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ ; فَجَازَ فِي الْأَكْثَرِ، كَالتَّخْصِيصِ.

- وَمَنْ مَنَعَ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ، احْتَجَّ بِمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَوْجِيهِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَقَلِّ، وَإِذَا اتَّجَهَ الْخِلَافُ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ ; كَانَ فِي اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ أَوْجُهٌ، وَلِأَنَّ الْأَكْثَرَ وَالنِّصْفَ وَاسِطَتَانِ بَيْنَ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ وَالْمُسْتَغْرَقِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَسَائِطَ يَتَّجِهُ فِيهَا الْخِلَافُ لِنُزُوعِهَا بِالشَّبَهِ إِلَى الْأَطْرَافِ.

وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ ; احْتَجَّ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ كَسَائِرِ التَّخْصِيصَاتِ خُولِفَ فِي الْأَقَلِّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، إِذِ الْمُتَكَلِّمُ قَدْ يَغْلَطُ أَوْ يَنْسَى ; فَيَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِدْرَاكِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ السَّهْوُ وَالْغَلَطُ فِي الْأَقَلِّ غَالِبًا، إِذِ الْعَاقِلُ إِنَّمَا يَغْلَطُ فِي الْمِائَةِ بِعَشَرَةٍ إِلَى أَرْبَعِينَ، أَمَّا غَلَطُهُ بِخَمْسِينَ إِلَى تِسْعِينَ، فَنَادِرٌ جِدًّا، وَمَنْ يَغْلَطُ بِذَلِكَ، لَا يَكَادُ يُعَدُّ عَاقِلًا، بَلْ هُوَ إِمَّا مَجْنُونٌ أَوْ مُغَفَّلٌ، وَإِذَا لَمْ تَدَعُ الْحَاجَةُ إِلَى مَا سِوَى الْأَقَلِّ ; وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ نَصُّوا عَلَى امْتِنَاعِ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>