للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو يوسف رحمه الله: إذا كان بعض المهر حالاً وبعضه مؤجلاً فله أن يدخل بها إذا أعطاها الحال. وقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا كان المهر مؤجلاً فإن دخل بها الزوج حتى تحل الأجل فمنعت نفسها عن الزوج حتى يوفيها المهر فليس لها ذلك من قبل أن أصله لم يكن حالاً.

ثم لا خلاف لأحد أن تأجيل المهر إذا كان إلى غاية معلومة نحو شهر أو سنة إنه صحيح، وإن كان لا إلى غاية معلومة فقد اختلف المشايخ (فيه) . بعضهم قالوا: لا يصح، وبعضهم قالوا: يصح وهو الصحيح، وهذا لأن الغاية معلومة في نفسها وهو الطلاق أو الموت، ألا ترى أن تأجيل البعض صحيح وإن لم يتفقا على غاية معلومة نحو الشهر أو السنة، وإنما يصح بالطريق الذي قلنا. قال مشايخنا رحمهم الله: وفي عرف ديارنا ليس للمرأة أن تمنع نفسها من زوجها حتى تستوفي جميع المهر؛ لأن في عرفنا؛ البعض مؤجل والبعض معجّل والمعجل يسمى دست بيمان والمؤجل يسمى كابين برني والمعروف كالمشروط، فإن بينا مقدار المعجل ومقدار المؤجل فهو على ما بينا، وإن لم يبينا شيئاً ننظر إلى المسمى وإلى المرأة إن مثل هذه المرأة كم يكون لها من مثل هذا المسمى معجلاً، وكم يكون لها مؤجلاً في العرف فنقضي بالعرف.

وما ذكر في «مجموع النوازل» أنه يقضي لها نصف المهر معجلاً فإنما ذلك بناء على عرف أهل سمرقند أنهم يعجلون النصف من المسمى، وهو اختيار الفقيه أبي الليث رحمه الله إلا أن ذلك يختلف باختلاف البلاد، والصحيح ما ذكرنا. وإن شرطا تعجيل الكل في العقد فهو كما شرطا، ووجب تعجيل الكل، إذ لا تعتبر دلالة العرف إذا جاء الصريح بخلافها. ولو دخل الزوج بها خلا بها برضاها فلها أن تمنع نفسها منه وتمنعه عن السفر بها حتى تستوفي جميع المهر على جواب «الكتاب» والمعجل في عرف ديارنا في قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف رحمهما الله: ليس لها ذلك وأجمعوا على أنه لو دخل بها كارهة أو دخل بها وهي صغيرة أو مجنونة إنه لا يبطل حقها في المنع والحبس.

ووجه قولهما: أن المقصود عليه صار مُسَلَّماً بالوطأة الواحدة، ألا ترى أن المهر كله يتأكد الوطآة واحدة، فلو ثبت لها حق المنع تصير مستردة، والثابت لها حق المنع عن التسليم لا حق الاسترداد بعد التسليم، ولأبي حنيفة رحمه الله: أن المستوفى بالوطء وإن كثر فهو مستحق بعقد فلا يجوز اخلاؤه عن العوض إبانةً لخطره لأن في حق تأكد المهر أقيم وطأه واحدة مقَامَ جميع الوطآت لأنه لا يمكن تأكيده بقدره؛ لأنه لا يعرف مقدار عدده لكن إذا وجد وطآت أُخر فالبدل مقابل الكل فكانت ممتنعة عن تسليم ما قابله البدل لا مستردة.

وكان الشيخ الفقيه أبو القاسم الصّفار رحمه الله، يُفتي في السفر بقول أبي حنيفة رحمه الله وفي منع النفس بقولهما، واستحسن بعض مشايخنا اختياره.

في «العيون» : تزوج امرأة على ألف درهم إلى سنة فأراد الزوج الدخول بها قبل السنة قبل أن يعطيها شيئاً، وإن كان شرط الزوج في العقد أن يدخل بها قبل السنة فله

<<  <  ج: ص:  >  >>