للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل استأجر أرضاً، وانفسخت الإجارة بينهما بمضي المدة أو بالفسخ، قبل مضى المدة وفي الأرض زرع، والزرع يغل، فالزرع للمستأجر، فإن أبى المستأجر الآجر عن جميع الخصومات والدعاوي، ثم بعد ذلك أدرك الزرع، ودفع الآجر الغلة، وادعى المستأجر الغلة وخاصم الآجر فيها، هل يسمع دعواه؟ فقد قيل يسمع دعواه، وقد قيل لا يسمع دعواه، وهو الأشبه، وكذلك لو كان الآجر دفع الغلة أولاً، ثم أبرأه المستأجر عن الدعاوي لا يصح دعوى المستأجر الغلة، وهذا إذا جحد الآجر أن الزرع زرعه، فأما إذا كان مقراً أن الزرع للمستأجر يؤمر بالرد عليه، وعلى هذا إذا أبرأ أحد الورثة الباقين، ثم ادعى التركة، وجحد باقي الورثة التركة، لا يسمع دعواه، ولو أقروا بالتركة يؤمرون بالرد عليه.

استأجر طاحونة، وأجرها من غيره، فانهدم بعضه، فقال المستأجر الأول للثاني: أنفق في عمارة هذه الطاحونة، فأنفق هل يرجع بذلك على المستأجر الأول إن علم الثاني أنه مستأجر وليس بمالك، لا يرجع وإن ظنه مالكاً فيه روايتان، في رواية لا يرجع ما لم يشترط الرجوع، وفي رواية يرجع بدون الشرط.

دار فيها بئر استأجر رجل الدار، فله أن يتوضأ بذلك الماء، ويشرب.

استأجر حجرة كل شهر ببدل معلوم، وغاب وترك امرأته في الدار، فليس للآجر أن يخرجها؛ لأنه ليس له أن يفسخ الإجارة، من غير محضر من صاحبه، والحيلة في ذلك أن يؤاجر هذه الدار من إنسان، في بعض الشهور فإذا مضى ذلك الشهر ينفسخ الإجارة الأولى وتنعقد الثانية، وكان للمستأجر الثاني أن يخرج المرأة من الدار.

وإذا استأجر من آجر داراً، ثم إن الآجر وهب له أجر شهر رمضان، إن استأجرها سنة جاز الهبة عند محمد رحمه الله لأنه أبرأ بعد وجود سبب الوجوب، وإن استأجرها كل شهر لا يجوز الهبة عند محمد، إلا إذا دخل شهر رمضان.

استأجر داراً وبنى فيها حائطاً من تراب، كان فيها بغير أمر صاحب الدار، ثم أراد الخروج وأراد نقض الحائط، هل له ذلك، ينظر إن كان اتخذ من التراب لبنا، وبنى الحائط من اللبن، فله ذلك وعليه قيمة التراب؛ لأن باتخاذ اللبن صار اللبن ملكاً له، فله أن يأخذ ملك نفسه، وإن كان بنى الحائط من الطين له يأخره بنايا شد فليس له أن ينقض الحائط، لأن ما نقض يعود على ملك المالك؛ لأنه يصير تراباً.

رجل اشترى شجرة وقطعها، واستأجر أرضاً ليضع فيها الأشجار حتى تيبس، والأرض المستأجر لها طريق في أرض رجل آخر، فأراد مشتري الأشجار أن يمر في الأرض التي فيها طريق إلى الأرض المستأجرة بخشبه وحمولاته، وأراد صاحب الأرض أن يمنعه من ذلك، ليس له أن يمنعه، لأنه يحتاج إلى الإخراج والإخراج يكون بطريقة، وطريقه هذا.

وبه ختم كتاب الإجارات بعون الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>