للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرضا حتى لو كان المهر مملوكاً أو اكتُسِبَ اكتساباً بعد الطلاق فالكسب يكون للمرأة، هكذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في شرحه وفي «الجامع» ما يدل عليه.

ولو كان المهر دراهم أو دنانير أو مكيلاً أو مقروناً في الذمة فقبضت وطلقها قبل الدخول (٢٠٩ب١) بها، فعليها رد مثل نصف ما قبضت، وليس عليها رد عين المقبوض، لأن الدراهم والدنانير لا يتعينان في عقد النكاح فلا يتعينان في فسخه. ولو كان المهر عبداً في الذمة، أو إبلاً في الذمة، أو ثوباً في الذمة، ثم عيّنه ودفعه إليها ثم طلقها قبل الدخول فعليها رد نصف عين ما قبضت. من المشايخ من أبى ذلك وقال: إذا لم يكن العبد أو الإبل متعيناً وقت العقد فالمرأة لا تستحق عين العبد وعين الإبل، وإنما المستحق لها أحد الشيئين الوسط من المسمى أو قيمته، والخيار إلى الزوج، فعند فسخ النكاح بالطلاق قبل الدخول كيف يستحق الزوج عليها نصف العبد ونصف الإبل.

ومنهم من صحَّحَ ذلك وقال: العبد والإبل إن لم يكن معيّناً وقت العقد إلا أن ما بعد تعيينه التحق بالمعين وقت العقد، وجعل كأن العقد من الابتداء ورد على هذا المعين وإنما التحق بالمعين وقت العقد ضرورة أنه لو لم يلتحق وجب عليها بالطلاق قبل الدخول ما وجب على الزوج بالعقد فلا وجه إليه؛ لأنه يقع التفاوت بين مثل نصف المقبوض؛ وبين نصف المقبوض لأن الحيوان ليس من ذوات الأمثال وكذا يقع التفاوت بين مثل نصف المقبوض وبين قمته لأن القيمة إنما تعرف بالحزر والظن وعليها رد مثل نصف المقبوض بلا زيادة ولا نقصان والتحرز عن هذا التفاوت ممكن بإيجاب رد نصف المقبوض وإلحاق المقبوض بالعين وقت العقد، وألحقنا المقبوض بالمعين وقت العقد فأوجبنا رد نصف المقبوض بخلاف ابتداء العقد؛ لأن الاحتراز عن هذا التفاوت في ابتداء العقد بإيجاب المعين غير ممكن رده ... حالة العقد غير متعين.

أما بعد الطلاق تعين المقبوض بالقبض، فأمكن إيجاب نصفه احترازاً عن التفاوت، فأوجبنا ذلك، وهذا بخلاف الدراهم والدنانير؛ لأن الدراهم والدنانير بالتعيين لا تلتحق بالمعين وقت العقد وكيف تلتحق وإن تعيينها وقت العقد لا يصح. إذا وقعت الفرقة بين الزوجين بمعنى من قبل الزوج قبل الدخول بها إن وقعت بالطلاق لفظاً وحكماً أو حكماً لا لفظاً يوجب سقوط نصف الصداق. وإن وقعت بما هو فسخ من كل وجه بأن لم يوجد لفظ الطلاق ولا حكمه يوجب سقوط كل الصداق، وهذا لأن الفرقة من قبل الزوج قد تكون بماهو فسخ من كل وجه، ألا ترى أن غير الأب والجد إذا زوج الصغير امرأة ثم بلغ قبل الدخول واختار الفرقة وفسخ القاضي العقد بينهما كان ذلك فسخاً من كل وجه حتى يسقط الصداق، ففي كل موضع وجد الطلاق لفظاً أو ثبت حكمه كانت الفرقة بالطلاق قد سقط نصف الصداق.

وفي كل موضع لم يوجد الطلاق لفظاً أو لم يتثبت حكمه كانت الفرقة بحكم الفسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>