للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضاً: ذكر المعلى في «نوادره» عن أبي يوسف: في رجل استعار محملاً أو فسطاطاً، وهو في مصر، فسافر به؛ لا يضمن، وإن استعار سيفاً أو عمامة، وسافر به ضمن، والفرق: أن الاستعارة، وإن وجدت في المصر؛ إلا أن الفسطاط والمحمل يستعملان خارج المصر عادة، فصار عادتهما إذناً بالمسافرة بهما، ولا كذلك السيف، والعمامة.

وفيه أيضاً: استعار من رجل فرساً ليغزو عليه أربعة أشهر، ثم لقيه المعير بعد شهرين في بلاد المسلمين، وأراد أخذه، فله ذلك، وإن لقيه في بلاد الشرك في موضع لا يقدر على كراء وعلى شراء ليس له أن يأخذه دفعاً للضرر عن المستعير، ويكون على المستعير، أجر مثل ذلك الفرس من ذلك الموضع الذي طلبه منه صاحبه دفعاً للضرر من الطرفين.

ونظير هذه المسألة: رجل استعار من آخر أمة ترضع ابناً له، فلما تعود الصبي وصار لا يرضع إلا منها؛ قال المعير: اردد عليَّ أمتي، فليس له ذلك، وله أجر مثل جاريته إلى أن يفطم الصبي، وكذلك إذا استعار من آخر زقاقاً وجعل فيها زيتاً فأخذه في صحراء، فليس له أن يأخذ الزقاق وله أجر مثلها إلى موضع يجد فيها زقاقاً فيحول زيته.

وفيه أيضاً: إبراهيم عن محمد رجل قال لرجل: أعرني دابتك فرسخين، أو قال: إلى فرسخين، قال: له فرسخان ذاهباً وجائياً، فتصير أربعة فراسخ، وكذلك كل عارية تكون في المصر؛ نحو تشييع الجنازة وأشباهها، وهذا استحسان أخذ به علماؤنا لمكان العرف الظاهر فيما بين الناس، والقياس أن يكون هذا على الذهاب خاصة، ولا يكون له أن يرجع عليها.

استعار من آخر دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة، فبعث الدابة مع وكيل له ليحمل عليها الحنطة، فحمل الوكيل حنطة نفسه مثلها لا يضمن. في كتاب الشركة في باب خصومة المتفاوضين استعارة الشيء للرهن من غيره جائز، وإنه معروف، والاستعارة ليؤاجر من غيره جائز؛ ذكر شيخ لإسلام في شرح كتاب المزارعة في باب اختلافهما في الزراعة.

وذكر في «فتاوى أبي الليث» : أن والد الصغير ليس له أن يعير متاع ولده الصغير، وذكر شمس الأئمة الحلواني في أول شرح الوكالة: أن للأب أن يعير ولده الصغير، وذكر شمس الأئمة الحلواني، وهل له أن يعير مال ولده الصغير؟ بعض المتأخرين من مشايخنا قالوا: له ذلك، وعامة المشايخ على أنه ليس له ذلك.

صبي استعار من صبي شيئاً كالقدوم، ونحوه، فأعطاه، وكان الشيء لغير الدافع، فهلك في يده؛ إن كان الصبي الأول مأذوناً لا يجب على الثاني شيء، وإنما يجب على الأول؛ لأنه إذا كان مأذوناً صح الدفع منه، فكان التلف حاصلاً بتسليطه، وإن كان الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>