للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استوفى أجر الشهرين فهو جائز، وذلك لأن المستقرض قام مقام المقرض والمقرض لو اشترى من الثاني شيئاً بالأجر يصح الشراء، ويري الثاني من الأجر لوقوع المقاصة بين الأجر والثمن فكذا إذا اشتراه المستقرض.

وإنما قلنا أن المستقرض قام مقام المقرض، لأن المقرض أقرضه الأجر منه وسلطه على قبضه يصح ذلك وصار الموهوب له وكيلاً عن رب البيت في القبض أولاً ثم قابضاً لنفسه بحكم الهبة، لأن الهبة لا تصح إلا بملك الواهب، ولا يصير ما وهب ملكاً للواهب إلا بالقبض فكذا ههنا لا يصح القرض إلا بملك المقرض وما أقرض لا يصير ملكاً له، إلا بالقبض فصار ثابتاً عنه في القبض أولاً ثم قابضاً لنفسه بحكم القرض، وإذا كان كذلك صح أن المستقرض قام مقام المقرض وليس للثاني على المستقرض شيء، لما ذكرنا أن المستقرض قام مقام المقرض والمقرض لو اشترى بالأجر شيئاً لم يكن للثاني على المقرض شيء؛ لوقوع المقاصة بين الأجر والثمن، فكذلك هذا، ولرب البيت على المستقرض أجر هذين الشهرين، لأن رب البيت ما ملكه الأجر هبة، وإنما ملكه قرضاً، والقرض مضمون بالمثل، فكان لرب البيت عليه أجر هذين الشهرين.

قال: ولو اشترى المستقرض من الثاني بالأجر ديناراً فإنه يجوز إذا اشترى الدينار بعد وجوب الأجر، بأن مضت المدة أو شرط التعجيل عندهم جميعاً، وإن لم يكن وجب الأجر بأن كان قبل مضي المدة واشتراط التعجيل، فعلى قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد رحمه الله يجوز، وعلى قول أبي يوسف الآخر لا يجوز، لأن المستقرض قام مقام المقرض والمقرض لو صادف مع الثاني كان الجواب على هذا التفصيل فكذلك هذا.

قال: ولو كان للثاني على الرجل المستقرض دينار أو أجر البيت عشرة دراهم كل شهر، فمضى شهر ثم أمر رب البيت الثاني أن يدفع أجر هذين الشهرين إلى هذا الرجل قرضاً عليه، ورضى الرجل بذلك فهو جائز، لأنه ملكه الدين الذي له على الثاني، وسلطه على قبضه قرضاً، فيصح كما لو وجب منه، وسلطه على قبضه فإن قاصه بالدينار الذي له عليه وأخذ بالفضل حوائجه، قال فهو جائز وهذا الجواب لا يشكل فيما اشترى من الحوائج لأنه اشترى الحوائج بالأجر بما وجب من الأجر وبما لم يجب فيجوز كما يجوز من رب البيت، وإنما يشكل فيما إذا قاصه بالدينار ذكر أنه جائز إذا رضى بذلك الثاني، وإن كان الجنس مختلفاً، فإن أحدهما دينار والآخر دراهم، لأن المقاصة في الجنس المختلف، إنما لا يجوز إذا لم يوجد التراضي على المقاصة، فأما إذا وجد يجوز إلا أنه يكون صرفاً، ثم يجوز هذا الصرف عندهم بحصة ما وجب من أجر شهر عندهم جميعاً، لأن المستقرض قائم مقام المقرض، والمصارفة من المقرض بأجر واجب جائز عندهم، فكذا من المستقرض، فأما بحصة ما لم يجب من الأجر وهو الشهر الثاني يجب أن يكون المسألة على الخلاف، يجوز عند محمد وهو قول أبي يوسف الأول، ولا يجوز في قول أبي يوسف الآخر كما لو باشر المقرض الصرف بأجر لم يجب بعد، وهو الشهر الثاني. ثم قال: وليس هذا بصرف فيما بين رب البيت والمستقرض ولكنه صرف فيما بين

<<  <  ج: ص:  >  >>