للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحق الأجر في الشهر الثاني؟ يجب أن تكون المسألة على الخلاف المعروف في القصار أو الخياط، إذا عمل من غير عقد، وقد كان انتصب نفسه لذلك، وإذا تكارى دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم، فجعل في جوالق عشرين مختوماً، ثم أخر المستأجر رب الدابة، وكان هو الذي وضعها على الدابة، فلا ضمان؛ لأن صاحب الدابة هو المباشر لحمل الزيادة على دابته، وإن حملاها جميعاً، ووضعاها على الدابة، ضمن المستأجر ربع قيمة الدابة؛ لأن نصف الحمل يستحق بالعقد ونصفه غير مستحق، وفعل كل واحد منهما في الحمل شائع في النصفين، فما حمله المستأجر نصفه وهو ربع الكل مستحق بالعقد، ونصفه وهو الربع غير مستحق، فلهذا ضمن ربع قيمتها، وإن كان الحمل في عدلين، فحمل كل واحد عدلاً ووضعاها على الدابة جميعاً، لا يضمن المستأجر شيئاً ويجعل حمل المستأجر مما كان مستحقاً بالعقد في باب ما يضمن الأجر، ويعرف عن هذه المسألة كثير من المسائل، رجل يبيع بالمزايدة، فاستأجر رجلاً لينادي عليه أن وقت له وقتاً، أو قال كذا صوتاً، يجوز إذا دفع إلى صباغ لبداً ليصبغه أحمر، فقد قيل إن قال بكذا من العصفر يجوز، وإن لم يبين مقدار العصفر لا يجوز، وهذا ليس بصواب فقد ذكرنا الرواية في فصل الاستصناع، إن بان مقدار الصبغ ليس بشطر، فلو صبغه رديئاً هل يضمن؟ فقال: قيل إن انتقص الثوب، وكان النقصان فاحشاً عند أهل البصر فلصاحب اللبد أن يضمنه قيمة لبده أبيض، وإن كان النقصان يسيراً فله أن يضمنه النقصان.

وعلى هذا التفصيل القصار إذا قصر الثوب رديئاً. إذا استأجر حماراً أو بقراً، ليس له أن يبعث به إلى السراح، هكذا ذكر في الفتاوى، وقيل إن كان المتعارف فيما بين الناس أن المستأجر يبعث ذلك إلى السراح، فله أن يبعث ومالا فلا.

وذكر الصدر الشهيد في «فتاويه الصغرى» ، أن للمستأجر أن يؤاجر، وأن يعير، وأن يودع، والبعث إلى السرح إيداع، فهلكه المستأجر.

وفي «مجموع النوازل» زوج أمته، ثم أجرها من زوجها، جاز لأن خدمة الزوج ليست عليها، فالإجارة وردت على ما ليس بمستحق فيصح.

استأجر أرضاً ليلبن فيه لنفسه عليها، فالإجارة فاسدة، بعد ذلك ينظر إن كان للتراب قيمة في ذلك الموضع يضمن قيمة التراب، ويكون اللبن له؛ لأن الإجارة لما لم تصح، صار المستأجر غاصباً للتراب، ولما حوله لبناً فقد هلك على المالك، وإن لم يكن للتراب قيمة لا شيء عليه، واللبن له لأنه حصل بصنعه.

رجل يقبل من رجل طعاماً على أن يحمله من موضع إلى موضع باثني عشر درهماً اليوم، فحمله في أكثر من ذلك لا يلزمه الأجر المسمى، بل يجب أجر المثل بمنزلة ما لو استأجر رجلاً لينجز له عشر مخاتيم دقيق اليوم، هكذا ذكر في الفتاوي، وهذا يجب أن يكون على قول أبي حنيفة؛ لأن على قوله هذه الإجارة وقعت فاسدة، لأنه جمع فيها بين الوقت والعمل، أما على قولهما هذه الإجارة وقعت جائزة، فيجب الأجر المسمى.

رجل حمل رجلاً كرنا إلى بعض البلدان، فعلى الحامل كراؤه حتى يرده إلى الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>