للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و وقال جماعة: إن المراد بالأحرف السبعة، القراءات السبع.

والراجح من هذه الآراء جميعًا هو الرأي الأول، وأن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد. نحو: أَقْبِل وتعال، وهلم، وعَجِّل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، وابن جرير، وابن وهب، وخلائق، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء ويدل له ما جاء في حديث أبي بكرة: "أن جبريل قال: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: على حرفين, حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعالى وأَقْبِل واذهب وأسرع وعَجِّل"١, قال ابن عبد البر: "إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، وأنها معان متفق مفهومها، مختلف مسوعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافًا ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب"٢.

ويؤيده أحاديث كثيرة:

"قرأ رجل عند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فغيَّر عليه، فقال: لقد قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يُغيِّر علي، قال: فاختصما عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ألم تُقرئني آية كذا وكذا؟ قال: بلى! قال: فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في وجهه، قال: فضرب صدره وقال: "ابعد شيطانًا" -قالها ثلاثًا- ثم قال: "يا عمر، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل رحمة عذابًا أو عذابًا رحمة" ٣.

وعن بسر بن سعيد: "أن أبا جهيم الأنصاري أخبره: أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال الآخر: تلقيتها من


١ أخرجه أحمد والطبراني، بإسناد جيد، وهذا اللفظ لأحمد.
٢ انظر "الإتقان" جـ١ ص٤٧.
٣ أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات، وأخرجه الطبري.

<<  <   >  >>