للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الطبري: "وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه وتسكين حرف وتحريكه ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي, صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" بمعزل، لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى يوجب المراء به كفر المماري به في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر، من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، وتظاهرت عنه بذلك الرواية".

ولعل الذي أوقعهم في هذا الخطأ الاتفاق في العدد سبعة، فالتبس عليهم الأمر. قال ابن عمار: "لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص على السبعة أو زاد ليزيل الشُّبهة".

وبهذه المناقشة يتبين لنا أن الرأي الأول "أ" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد هو الذي يتفق مع ظاهر النصوص، وتسانده الأدلة الصحيحة.

عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي، فأمرني، قال: اقرأ على حرفين، فقلت: رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة، كلها شاف كاف" ١.

قال الطبري: "والسبعة الأحرف: هو ما قلنا من أنه الألسن السبعة، والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها


١ رواه مسلم والطبري.

<<  <   >  >>