للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختلاف في القراءة قائمًا، ولما كان هناك فرق بين جمع عثمان وجمع أبي بكر. والذي دلت عليه الآثار أن جمع عثمان -رضي الله عنه- للقرآن كان نسخًا له على حرف واحد من الحروف السبعة حتى يجمع المسلمين على مصحف واحد، حيث رأى أن القراءة بالأحرف السبعة كانت لرفع الحرج والمشقة في بداية الأمر. وقد انتهت الحاجة إلى ذلك، وترجح عليها حسم مادة الاختلاف في القراءة، بجمع الناس على حرف واحد، ووافقه الصحابة على ذلك. فكان إجماعًا. ولم يحتج الصحابة في أيام أبي بكر وعمر إلى جمع القرآن على وجه ما جمعه عثمان، لأنه لم يحدث في أيامهما من الخلاف فيه ما حدث في زمن عثمان، وبهذا يكون عثمان قد وُفِّقَ لأمر عظيم. رفع الاختلاف، وجمع الكلمة، وأراح الأمة.

ويُجاب عن الرأي الخامس "هـ" الذي يرى أن العدد سبعة لا مفهوم له, بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره: "أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل استزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف" ١، "وإن ربي أرسل إليَّ أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت عليه أن هوِّن على أمتي, فأرسل إليَّ أن اقرأ على سبعة أحرف" ٢. فهذا يدل على حقيقة العدد المعيَّن المحصور في سبعة.

ويُجاب عن الرأي السادس "و" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع, بأن القرآن غير القراءات، فالقرآن: هو الوحي المنزَّل على محمد -صلى الله عليه وسلم- للبيان والإعجاز، والقراءات: هي اختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي، من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك، قال أبو شامة: "ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل"٣.


١ أخرجه البخاري ومسلم.
٢ أخرجه مسلم.
٣ انظر "الإتقان" جـ١ ص٨٠.

<<  <   >  >>