للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً، أَو استأْجَرَهَا مُطْلَقًا، له أَن يَحْمِلَ ويُعِيرَ، ويَرْكَبَ ويُرْكِبَ، وأَيًّا فَعَلَ تَعَينًّ وضَمِنَ بِغَيْرِهِ.

وإِنْ أَطْلَقَ الانْتِفَاعَ في الوَقْتِ والنَّوْعِ، انْتَفَعَ مَا شَاءَ، أَيَّ وقتٍ شَاءَ. وإِنْ قَيَّدَ ضَمِنَ بالخِلَافِ إِلى شَرٍّ فَقَطْ.

وكذا تَقْييدُ الإِجارة بِنَوْعٍ أَوْ قَدْرٍ،

===

كالإِعارة، إِلاَّ أَنَّ الإِجارة بِعوَض، والإِعارة بلا عِوض.

(فَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً، أَوْ استأْجَرَهَا مُطْلَقَاً) أَي من غير تَعْيين انتفاعٍ أَوْ مُنْتَفِعٍ ((له أَنْ) (١) يَحْمِلَ ويُعِير) للحمل (ويَرْكَبَ) ـ بفتح الياء والكاف ـ (ويُرْكِبَ) ـ بضم الياء وكسر الكاف ـ عملاً بالإطلاق (وأَيّاً فَعَلَ) من الحَمْل والركوب والإِركاب (تَعَيَّنَ) في الصحيح، فليس له أَنْ يفعل غيره. (وضَمِنَ بِغَيْرِهِ) إِنْ عَطِبَت، لأَن ما وقع أَوّلاً تَعَيَّنَ مُرَاداً بالعقد، فصار كأَنَّهُ منصوصٌ عليه.

(وإِنْ أَطْلَقَ) المُعِير (الانْتِفَاعَ في الوَقْتِ) متعلق بـ: «أَطلق»، (و) في (النَّوْعِ) والقدر (انْتَفَعَ) المُستعير (مَا شَاءَ) من أَنواع الانتفاع (أَي وقتٍ شَاءَ) عَمَلاً بالإِطلاق. (وإِنْ قَيَّدَ) المعير الانتفاع بوقتٍ كيومٍ أَوْ جمعةٍ أَوْ مكانٍ، كطريق مَكَّةَ أَوْ نوع منفعة أَوْ بهما (ضَمِنَ) المستعير (بالخِلَافِ إِلى شَرَ) عملاً بالتقييد (فَقَطْ) أَي ولا يضمن بالخلافِ إِلى خير ولا إِلى مساوٍ، لأن الإِذن بالشيء إِذْنٌ بما يساويه وبما هو خيرٌ منه، كَمَنْ استعار دابَّةً ليحمل عليها قَفِيزاً من هذه الحنطة، فَحَمَّلَهَا قَفِيزاً (٢) من حِنْطةٍ أُخْرى، أَوْ حَمَّل مثل ذلك شعيراً، وهذا استحسانٌ. ويضمن قياساً، لأَنه مخالِفٌ، فإِنَّ عند اختلاف الجنس لا تعتبر المنفعة والمضرة. أَلا ترى أَنَّ الوكيل بالبيع بأَلفِ دِرْهم إِذا باع بأَلف دينارٍ لم يَنْفُذ بَيْعُه. ووجه الاستحسان أَنَّه لا فائدة للمالك في تعيين الحِنطة، فإِنَّ مقصوده دَفْع زيادة الضرر عن دابته، ومِثْلُ كَيْل الحِنطة من الشعير يكون أَخَفَّ على الدَّابة.

(وكذا تَقْييدُ الإِجارة بِنَوْعٍ أَوْ قَدْرٍ)، أَوْ وَقْتٍ، أَوْ مكان فإِنْ وافق المستأْجر، أَوْ خالف إِلى مِثْل، أَوْ إِلى خيرٍ لا يضمن، وإِنْ خَالف إِلى شرَ يضمن. واختلفوا في إِيداع المُسْتَعِيْر، فقال جماعة منهم الكَرْخي: ليس له ذلك، مستدلين بمسأَلة الجامع: وهي أَنْ المستعير إِذا بعث العارية إِلى صاحبها على يد أَجنبي فهلكت في يده يضمن


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من هامش المطبوع.
(٢) تقدم شرحها ص ٣٠٣، تعليق رقم (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>