للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَدُّهَا إِلى إِصْطَبْلِ مَالِكِهَا أَو مَعَ عَبْدِهِ أَو أَجِيْرِه مُسَانَهَةً أَو مُشَاهَرَةً، أَو مع أَجِيْرِ رَبِّهَا، أَو عَبْدِهِ، يَقُوْمُ عَلَى دَابَّةٍ أَو لا، تَسْلِيْمٌ.

===

المستعير (العارية) (١) ، وليس ذلك منه إِلا إِيداعاً. قال الباقِلاَّني: وهذا القول أَصَحّ لأَنَّ، الإِيداع تَصَرُّفٌ في ملك الغير ـ وهو العين ـ بغير إِذنه قصداً، بخلاف الإِعارة فإِنَّها تَصَرُّفٌ في المنفعة قَصْدَاً، وتسليم العين من ضروراته فافترقا.

وأَكثرهم على أَنَّ له ذلك، منهم: مشايخ العراق، وأَبو الليث، وأَبو بكر محمد بن الفضل، وبرهان الأَئمة، لأَن الإِيداع دون الإِعارة، لأَن العين وديعة عند المستعير في العاريَّة، فإِذا ملك الأَعلى فأَوْلى أَنْ يَمْلِك الأَدنى. قال ظَهِيرُ الدِّين المَرْغِينَاني: وعليه الفتوى. ومسأَلة الجامع محمولة على ما إِذا كانت العاريَّة مؤقتةً فمضت مدتها ثُم بعثها مع الأَجنبي، لأَنه بإِمساكها بعد مُضِي المدة (٢) يصير متعدِّياً حتى إِذا هَلكت في يده يضمن، فكذا إِذا تركها في يد أَجنبي.

(وَرَدُّهَا) ـ مبتدأَ ـ أَي رد المُسْتَعِير الدابَّة (إِلى إِصْطَبْلِ مَالِكِهَا)، أَي مَرْبط الدَّابة (أَوْ مَعَ عَبْدِهِ) أَي عبد المستعير (أَوْ أَجِيْرِه مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ مع أَجِيْرِ رَبِّهَا)، أَي رَبِّ الدابة (أَوْ) مع (عَبْدِهِ) سواء كان (يَقُوْمُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ لا) يقوم عليها (تَسْلِيْمٌ) خبر المبتدأَ. والقياس أَنْ يَضْمن المستعير إِذا رَدَّ الدابة إِلى إِصْطبل مالكها فهلَكت، أَوَ ردَّ العَبْدَ المُسْتَعار إِلى دار مالِكه فتَلِف، وهو قول الشافعي وأَحمد، لأَن الواجب عليه الرَّدُّ إِلى المالك أَوْ نائبه ولم يوجد فيضمن، كما في الوديعة، والمغصوب، والمرهون، فإِنه لا يبرأُ فيها إِلاَّ بالتسليم إِلى المالك دون الرد إِلى داره اتفاقاً ..

وَوَجْهُ الاستحسان أَنه أَتى بالتسليم المتعارَف، لأَن ردَّ العَواري إِلى دُور مُلاكِهَا متعارَف، كآلة البيت، والناس يحفظون دوابهم في مرابطها، وهو لو سلَّمها إِلى مالكها لرَدَّهَا إِلى إِصطبلها. وقيل: هذا في زمانهم، وأَما في زماننا فلا يبرأُ إِلاَّ بالتسليم إِلى يد صاحبها. وأَما عبد المستعير أَوْ أَجِيره مسانهةً أَوْ مشاهرةً فلأَنه من عيالِ المستعير، وله رَدُّهَا بيد مَنْ في عياله، كما للمودَع، لأَن حِفْظ الوديعة بهم.

وأَما الأَجير بالمياومة فلا يُعَدّ من العيال. وأَما أَجير ربِّ الدَّابة أَوْ عبده فقياس قول الشافعي رحمه الله أَنه يضمن، كما في الوديعة. ووجه مذهبنا ـ وهو قول أَحمد ـ أَنَّ مَالِكَ الدابة راضٍ به عادةً، والأَصْل أَنَّ مَؤُنة الرد على مَنْ وقع القبض له، لأَن «الخَراج بالضمان» (٣) والرَّد واجب. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «على اليَدِ ما أَخَذَتْ


(١) في المطبوع: الجارية، وما أثبتناه من المخطوط.
(٢) وفي المخطوط: العدة.
(٣) أخرجه أبو داود في السنن ٣/ ٧٧٧ - ٧٧٩، كتاب البيوع (٢٢)، باب فيمن اشترى عبدًا فاستحمله … (٧١)، رقم (٣٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>