للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُلْجِئ، أو مُوجِبًا لِمَا يُعْدِمُ الرِّضا، وَالفَاعِلُ مُمْتَنِعًا مِمّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ: لِحَقِّهِ،

أَوْ آخَرَ، أَوْ الشَّرْع. فَلَوْ أُكْرِهَ بِالمُلْجِئ أوْ غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ إِقْرَارٍ، إِنْ

شَاءَ فَسَخَ أَوْ أَمْضَى. وَيَمْلِكُهُ المُشْتَرِي إنْ قَبَضَ،

===

متلف النفس أو العضو الإكراه (المُلْجِاء (١) أو مُوجِباً) عطفٌ على متلفاً أي: أو كون المُكْرَه به محصِّلاً (لِمَا يُعْدِمُ الرِّضا). وفي شرح «الوقاية»: إن هذا يختلف باختلاف الناس، فإن الأراذل (ربَّما) (٢) لا يغتمُّون بالضرب أو الحبس: فالضرب اللَّيِّن لا يكون إكراهاً في حقّهم بل الضرب المُبَرّح، وكذا الحبس إلاّ أن يكون حبساً مؤبّداً يتضجر منه. والأشراف يغتمُّون بكلامٍ فيه خشونة، فمثل هذا يكون إكراهاً لهم.

(وَ) منها كون (الفَاعِلِ مُمْتَنِعاً مِمّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ) من الفعل (قَبْلَهُ) أي قبل الإكراه (لِحَقِّهِ) أي لحقّ الفاعل، كإكراهه على بيع ماله أو إتلافه، أو إعتاق عبده، (أَوْ) لحقّ شخصٍ (آخَرَ) كإكراهه على إتلاف مال غيره (أَوْ) لحقّ (الشَّرْع) كإكراهه على شرب الخمر أو الزنا.

(فَلَوْ أُكْرِهَ بِالمُلْجِاء أوْ غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ) لماله (وَنَحْوِهِ) من الشراء بماله والإجارة لداره (أَوْ) على (إِقْرَارٍ) مثل أن يقرّ لرجلٍ بألفٍ ففعل ما أُكْرِه عليه، فهو بالخيار (إِنْ شَاءَ فَسَخَ أَوْ) شاء (أَمْضَى) أمّا البيع ونحوه، فلفوات شرط صحته وهو الرضا. وأمّا الإقرار، فلأنه خبرٌ يحتمل الصدق والكذب، ودليل أَنَّه كذبٌ موجودٌ هنا، وهو الإكراه. والأصل عندنا أن تصرُّفات المُكْرَه كلّها منعقدة قولاً، إلاّ أن ما يحتمل الفسخ منها كالبيع والإجارة له أن يفسخه، وما لا يحتمله كالطلاق والنِّكاح والإعتاق والتدبير والاستيلاد والنذز يلزمه. وعند مالك والشافعي وأحمد: لا يلزمه.

(وَ) إذا كان البيع والتسليم كُرْهاً (يَمْلِكُهُ) أي المبيع (المُشْتَرِي إنْ قَبَضَ) المشتري المبيع، لأن بيع المكرَه فاسد، وذلك أن ما هو ركن العقد لم ينعدم بالإكراه، وهو الإيجاب والقبول في محله، وإنما انعدام ما هو شرط الجواز، وهو الرضاء لقوله تعالى: {إلاّ أنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣)

، وتأثير (انعدام) (٤)


(١) أَي المفسد للاختيار.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط.
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٩).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>