للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَصِحُّ إِعْتَاقُهُ، وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ.

فَإِنْ قَبَضَ ثَمَنَهُ أَوْ سَلَّمَ طَوْعًا نَفَذَ. وَحَلَّ بالمُلْجِئِ شُرْبُ الخَمْرِ وأَكْلُ المَيْتَةِ، حَتَّى إنْ صَبَرَ أَثِمَ.

===

شرط الجواز في إفساد العقد كما في الرِّبا، فإنّ المساواة في الأموال الرِّبَوِية شرط جواز العقد، فإذا انعدمت كان العقد فاسداً. وعندنا في البيع الفاسد يملك المشتري المبيع بالقبض. وعند مالك والشافعي وأحمد: لا يملك. (فَيَصِحُّ) للمشتري بعد قبضه (إِعْتَاقُهُ) وتدبيره واستيلاد الأمة (وَلَزِمَهُ) أي المشتري (قِيمَتُهُ) كما في سائر البيوع الفاسدة.

(فَإِنْ قَبَضَ) المُكْرَهُ على البيع (ثَمَنَهُ) طوعاً (أَوْ سَلَّمَ) المبيع للمشتري (طَوْعاً) بأَنْ أُكْرِهَ على البيع لا على التسليم (نَفَذَ) البيع في المسألتين، لأن قبض الثمن طوعاً دليلُ الإجازة، كما في البيع الموقوف إذا قبض المالك الثمن، وكذا تسليم المبيع من غير كره دليل الإجازة.

قيّد بالطوع وهو للمسألتين، لأنّ البائع لو قبض الثمن كَرْهاً (١) لم يكن قبضه إجازة، وعليه ردّه إن كان قائماً في يده لفساد العقد بالإكراه، وإن كان هالكاً لا يأخذ المشتري منه شيئاً، لأنه كان أمانة عنده، لأنه أخذه بإذن المشتري، والقبض متى كان بإذن المالك لا يجب ضمانه إلاّ إذا قبضه للتملك، وهنا لم يقبضه لذلك بل للإكراه.

(وَحَلَّ بالمُلْجِاءِ) وهو القتل أو القطع ـ ولو أُنملة ـ أو ضَرْبٍ يخاف منه على نفسه أو عضوٍ من أعضائه (شُرْبُ الخَمْرِ وأَكْلُ المَيْتَةِ) ونحوه، أي نحو أكل الميتة، وهو أكل لحم الخنزير وأكل الدّم، لأن الله تعالى استثنى الضرورة من التحريم بقوله: {إلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (٢) وفي الإكراه الملجاء ضرورة، فصارت هذه الأشياء (المحرَّمة) (٣) كباقي الأطعمة المباحة. (حَتَّى إنْ) لم يفعل وَ (صَبَرَ) على القتل أو قطع العضو (أَثِمَ).

وعن أبي يوسف، وهو قول للشافعيّ، وروايةٌ عن أحمد: لا يأثم، وكذا من إصابته مَخْمَصَة (٤) فلم يتناول من الميتة حتى مات أثم في ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف لا يأثم. والأصل عنده: أَنَّ الإثم ينتفي بالضرورة، والحرمة لا تنتفي بها، أما


(١) الكرْهُ: بالفتح: الإكراه، وبالضم: المَشَقَّة. مختار الصحاح، ص ٢٣٧، مادة (كره).
(٢) سورة الأنعام، الآية: (١١٩).
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط.
(٤) المَخْمَصَةُ: المجاعة. المعجم الوسيط ص ٢٥٦، مادة (خمص).

<<  <  ج: ص:  >  >>