للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَلْزَمُ النَّفْلُ بالشُّرُوعِ إِلَّا في الأَيامِ المَنْهِيَّةِ: أَي

===

روايةِ الناسخ.

وأَخرج عبد الرزاق في «مُصَنَّفهِ» عن ابن عمر أَنَّه قال: لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكُم عن أَحد، ولا يَصُومَنَّ أَحَدٌ عن أَحد، ولكن إِنْ كنت فَاعلاً تَصَدَّقْتَ عنه، أَوْ أَهْدَيت. وأَخرج الترمذي عن أَشْعَث بن سَوَّار، عن محمد بن عبد الرحمن بن أَبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل مات وعليه صيام، «فَلْيُطْعَم عنه مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً». وقال: لا نعرفه مرفوعاً إِلاَّ من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر موقوف، قوله وروى ابن ماجه بإِسناد حسن، كما قاله القرطبي عن ابن عمر: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ ماتَ وعليه صَوْمُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَم عنه مَكَانَ كلّ يَوْمٍ مِسْكِيناً».

وقال مالك: ولم أَسمع عن أَحد من الصحابة، ولا من التابعين بالمدينة أَنَّ أَحداً منهم أَمَرَ أَحداً أَنْ يصوم عن أَحد، ولا يصلي عن أَحد، وهذا يُؤَيِّدُ النسخ وأَنه الأَمر الذي استقر الشرع عليه آخِراً، ولأَن الولي لا يصوم عنه حال الحياة، فكذا بعد الموت كالصلاة.

(ويَلْزَمُ النَّفْلُ بالشُّرُوعِ) فَيَجِبُ قضاؤه إِنْ أَفْسَدَهُ، وقَال مالك: إِنْ أَفْطَرَ بعذر كمرض أَوْ شدة جوع أَوْ إِكراه أَوْ سهوٍ أَوْ خطأٍ، فلا يجب قضاؤه، وإِلاَّ يجب. وقال الشافعي وأَحمد لا (١) يجب قضاؤه، وله الخروج عن صومه بغير عذر، لما روى أَحمد وأَبو داود والترمذي من حديث أُمِّ هانِاء، أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الصائمُ المُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شاء صام وإِنْ شاء أَفطر».

ولنا حديث عائشة في رواية النسائي والترمذي ومالك في «الموطأ» عن عائشة أَنها قالت: «أَصْبَحْتُ أَنَا وحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ، فأُهْدِي إِلينا طعامٌ فأَفْطَرْنَا عليه، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فَبَدَرَتْنِي حَفْصَةُ ـ وكانت ابنة أَبيها ـ فَسَأَلَتْهُ عن ذلك، فقال: «اقْضِيَا يوماً مَكَانَه». وهو قول أَبي بكر، وعمر، وعلي وابن عباس رَضِيَ الله عنهم وغيرهم، ولأَن صوم النَّفْل عَمَلٌ فيجب صيانته عن الإِبطال لقوله تعالى: {ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم} (٢) وصيانته عن الإِبطال بالمُضِيِّ فيه.

وإِذا وجب المضي فيه وجب قضاؤه، (إِلاَّ في الأَيامِ المَنْهِيَّةِ) عن صومها (: أَي


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -، الآية: (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>