للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمِ الفِطْرِ، والأَضْحَى مع ثَلاثٍ بعده. وصَحَّ النَّذْرُ فِيهَا، لكِنْ أَفطَرَ وقَضَىَ، وإنْ صامَ صَحَّ.

===

يَوْمِ الفِطْرِ، والأَضْحَى مع ثَلَاثٍ بعده): وهي أَيامُ التشريق، وقال أَبو يوسف ومحمد: إِنْ شَرَعَ في نفل فيها، ثم أَفسده كما هو واجب عليه فعليه القضاء، لأَن الشروع مُلْزِمٌ كالنُّذُور (١) ، ولأَبي حنيفة أَنَّ صيام هذه الأَيام مَنْهِي عنه، فلا يجب إِتمامه بل يجب إِفساده، ووجوب القضاء مَبْنِيٌّ على وجوب الإِتمَام.

(وصَحَّ النَّذْرُ) بالصوم (فِيهَا) أَي في الأَيامِ المنهية، لأَن النَّذْر التِزَامٌ فلا يكون معصية، وإِنما المعصية في الفِعْل (لكِنْ أَفطَرَ) احترازاً عن المعصية (وقَضَىَ) إِسقاطاً لما أَوْجَبَ على نَفْسِهِ.

(وإِنْ صامَ صَحَّ) لأَنَّه أَدَّى ما الْتَزَمَه. روى مسلم من حديث زياد بن جُبَيْر. قال: جاء رجل إِلى ابن عمر فقال: إِنّي نَذَرْت أَنْ أَصومَ يوماً فوافق يوم الأَضحى أَوْ الفِطر فقال: أَمر اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِ هذا اليوم، والمعنى أَنَّه يمكنُ قضاؤه، فَيَخْرج به عن عُهْدة الأَمر والنهي.

والحاصل أَنَّ نَذْرَ الأَيام المذكورة يصح عندنا في المختار، وجعله زفر لغواً، وبه قال مالك والشافعي، وهو رواية عن ابن المبارك عن أَبي حنيفة، لأَن هذا نذرٌ بمعصية، لما في الصحيحين عن أَبي سعيد الخُدْري: «نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صِيَامَيْنِ: صيامِ يوم الأَضحى، وصيام يومِ الفِطْر». وفي لفظ لهما: سَمِعْتُه يَقُولُ: «لا يصح الصيام في يومين: يوم الأَضْحَى، ويومِ الفِطْرِ من رمضان». ولما في «مُعْجم الطبراني» عن ابن عباس: «أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ أَيام مِنىً صَائِحاً يصيح: أَنْ لا يصوموا هذه الأَيامَ، فإِنَّها أَيامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وبِعَال». والبِعَال: وِقَاعُ النِّساء.

وفي «سُنن الدراقطني» (٢) عن أَبي هريرة قال: بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بُدَيْلَ بنَ وَرْقَاء الخُزَاعِي على جَمَلٍ أَوْرَقَ (٣) يَصِيحُ في فِجَاج (٤) مِنىً: أَلا إِنَّ الذكاة في الحَلْق واللَّبَّة (٥) ، ولا تعجلوا الأَنفس أَنْ تزهق، وأَيام مِنىً أَيامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وبِعَال. وفي «السنن


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) حرفت في المطبوعة والمخطوطة إلى: "سنن الطبراني"، والصواب ما أثبتناه. انظر "سنن الدارقطني" ٤/ ٢٨٣، باب الصيد والذبائح، رقم (٤٥).
(٣) الأَوْرَق: الأَسْمَر. النهاية: ٥/ ١٧٥.
(٤) الفِجَاج: جَمْع فَجٍّ، وهو الطريق الواسع. النهاية: ٣/ ٤١٢.
(٥) اللَّبَّة: المَنْحَر: أسفل العُنُق. معجم لغة الفقهاء، ص: ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>