للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُفْطِرُ بِعُذْرِ ضِيَافَةٍ، ثُمَّ يَقْضِي. ويُمْسِكُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ مُسَافِرٌ قَدِمَ، وحَائِض طَهُرَتْ، وصبِيٌّ بَلَغَ، وكَافِرٌ أَسْلَم،

===

كَفَّارَةُ اليمينِ»، ولو نَذَرَ صوماً في زمان شديد الحر، وعَجَز عنه، قضاه في زمان البرد.

(ويُفْطِرُ) المتنفل (بِعُذْرِ ضِيَافَةٍ) أَوْ غيرها (ثُمَّ يَقْضِي) لا يجوز الفطر لِمُتَطَوِّعٍ بلا عذر في ظاهر الرواية، ورواية «المنتقى»: أَنه يُباح بلا عذر، وهو رواية عن أَبي يوسف لما روى مسلم من حديث عائشةَ رَضِيَ الله عنها: أَنها قالت: دَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم فقال: «هَلْ عِنْدَكُم منْ شيءٍ؟» (فقلنا): لا، فقال: «إِنِّي إِذاً صَائِمٌ»، ثم أَتى يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله أُهْدِي لنا حَيْسٌ، فقال: «هاتيه»، وفي نسخة: «أَرِينيه، فلقد أَصْبَحْت صائماً» فَأَكَلَ، زاد النسائي: «ولكن أَصُومُ يوماً مَكَانَه». وصحح عبد الحق هذه الزيادة. والحيس: تمر يُخْلَط بِسَمْنِ وأَقِط (١) .

ودليل ظاهر الرواية ما رُوِيَ عنه أَنَّه عليه الصلاة والسلام قال: «إِذا دُعِي أَحَدُكُم إِلى طعام فَلْيُجِب، فإِنْ كان مُفْطِراً فليأكل، وإِنْ كان صائماً فَلْيُصَلِّ». رواه أَبو داود. والصلاة: الدعاء كما قاله هشام. قال القرطبي: قد ثبت هذا عنه صلى الله عليه وسلم ولو كان الفطر جائزاً، كان الأَفضل الفطرَ لإِجابة الدعوة التي هي السنة. انتهى. وفيه بحث لا يخفى، والضيافة عُذْر في الأَظهر لما روى أَبو داود والطيالسي في «مسنده» من حديث أَبي سعيد الخُدْرِي قال: صَنَعَ رجُلٌ من أَصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فدعا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأَصحابه، فلما أَتى بطعامٍ تَنَحَّى رجلٌ منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما لكَ؟» قال: إِنِّي صائم، فقال صلى الله عليه وسلم «تَكَلَّفَ أَخوك وصَنَعَ لك طعاماً، ودعاك، ثُمَّ تقول: إِني صائم، كُل وصُم يوماً مكانه».

وروى الدَّارَقُطْنِيّ من حديث جابر قال: إِنْ الرجل الذي صنع: أَبو سعيد الخُدْرِي. وقيل: لا يكون عذراً، وقيل: عُذْرٌ قبل الزوال، لا بَعْدَهُ إِلاَّ إِذا كان في عدم الفطر عقوقٌ لأَحد أَبَوَيْه، فإِنَّه يُفْطِر، وكذا إِنْ كان يَتَأَذَّى صاحب الضيافة بذلك يفطر.

(ويُمْسِكُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) وُجُوباً وهو الصحيح، وقيل: نَدْباً (مُسَافِرٌ قَدِمَ) سواء كان قدومه بعدما أَفطر، أَوْ قبله، بعد وقت النية، وأَمَّا إِذا كان قبل الفطر في وقت النيّة فلزمه النيّة والصوم، لزوال المُرَخِّص في وقت النية، لكن لو أَفطر لا كفارة عليه، لِقِيَامِ شُبْهَةِ المُبِيحِ (وحَائِض) أَوْ نُفَسَاء (طَهُرَتْ) نهاراً (وصَبِيٌّ بَلَغَ، وكَافِرٌ أَسْلَم) وإِنَّما يُمْسِكُ


(١) تقدم شرحها، ص: ٥٤٥، تعليق رقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>