للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كان إِذا أَراد أَنْ يُضحي اشترى كَبْشَينِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ (١) مَوْجُوأينِ (٢) ، يَذْبَحُ أَحدهما عن أُمَّتِهِ مِمَّنْ شهِد لِلَّهِ بالتوحيد، وشهد له بالبلاغ، ويذبح الآخَرَ عن محمد وآل محمد (٣) . وفي رواية الحاكم: فقرَّب أَحَدَهما فقال: «بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُم مِنْك ولك، اللهم هذا عَنْ محمدٍ وأَهْل بيتِهِ»، ثُم قَرَّب الآخَرَ فقال: «بِاسْم اللَّهِ، اللَّهُم هذا مِنْك ولك، اللَّهُم هذا عَمَّنْ وَحَّدَكَ مِنْ أُمَّتِي».

ولحديث جابر رواه أَبو داود وقال: ذبح النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ النَّحْر كَبْشَين أَقْرَنَين أَمْلَحَين مَوْجُوأَين، فلما وَجَّهَهُمَا قال: «{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} ـ الآيةَ (٤) ـ، اللهم مِنْك ولك عن محمدٍ وأُمَّتِهِ، باسْمِ اللَّهِ واللَّهُ أَكْبر»، ثُم ذَبَح. ولحديث أَبي رافع رواه أَحمد وإِسحاق والطبراني من حديث شَرِيك قال: ضَحَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْن أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوأَين ـ أَي خصيين ـ وقال: أَحَدُهما عَمَّنْ شهِد لِلَّهِ بالتوحيد، وله بالبلاغِ، والآخر عنه وعن أَهْل بَيْتِهِ. ولحديث حذيفةَ رواه الحاكم، ولحديث أَبي طَلْحَةَ وأَنس، رواهما ابن أَبي شَيْبَةَ في «مسنده» بِمَعْنى ما تقدّم.

وقالت المعتزلة: ليس له ذلك، ولا يصِل إِليه ولا يَنْعَقِدُ (٥) . وقال مالك والشافعيّ: يجوز ذلك في الصدقة والعبادة المالية كالحج. ولنا ما تقدم وما رُوي: أَنَّ رجلاً سأَل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: كان لي أَبَوَانِ أَبَرُّهُما حال حياتهما، فكيف لي بِبِرِّهِمَا بَعْد موتِهِما؟ فقال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ من البِرِّ بعد المَوْتِ (٦) أَنْ تُصلِّيَ لهما مع صلاتِك، وأَنْ تصومَ لهما مع صومِك». رواه الدَّارَقُطْنِيّ. وعن عليَ رَضِيَ الله عنه مرفوعاً: مَنْ مَرَّ على المقابِرِ وقَرَأَ: قُلْ هو اللَّهُ أَحَدُ، إِحْدى عشر مرةً ثُمَّ وَهَب أَجْرَها للأَموات، أُعْطِي من الأَجْر بِعَدَدِ الأَمواتِ». رواه الدارقطني. وعن مَعْقِل بن يَسَار مرفوعاً: «اقرؤوا على مَوْتَاكُم يس». رواه أَبو داود. والأَصل الحقيقة مع أَنه لا محظور على أَنها تُقْرَأُ على المُحْتصِر لإِشْرَافِهِ على الموت.


(١) الأمْلَحُ: الذي بياضه أكثر من سواده. النهاية ٤/ ٣٥٤.
(٢) مَوْجُوأين: أي خَصِيَّين. النهاية ٥/ ١٥٢.
(٣) في المطبوع: عن نفسه وآل محمد، وما أثبتناه من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في "سنن ابن ماجه" ٢/ ١٠٤٣ - ١٠٤٤، كتاب الأضاحي (٢٦)، باب أضاحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، رقم (٣١٢٢) ..
(٤) سورة الأنعام، الآية: (٧٩).
(٥) في المطبوع: ولا ينفعه، وما أثبتناه من المخطوط.
(٦) في المطبوع: البر، وما أثبتناه من فتح القدير ٢/ ١٤٣، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>