للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أَجْرُ الغازي إِلى يومِ القيامةِ». رواه الطبراني في «مُعْجمه»، وأَبو يَعْلَى المَوْصلي في «مَسْنَده».

ورَوى تمَّام في «فوائده» عن عائشةَ قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ مات في طريقِ مكةَ لم يَعْرِضْهُ اللهُ تعالى، ولم يُحَاسَب». ورَوى الدَّارَقُطْنِي عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ مات في هذا الوجهِ مِنْ حاجَ أَوْ مُعْتَمِرٍ لم يُعْرض له، ولم يُحَاسَبْ، وقيل له: ادخل الجنة». وأَما ما في «الهداية» مِنْ قوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ ماتَ في طريقِ مكةَ، كتبَ اللهُ له حجةً مبرورةً في كلِّ سنةٍ»، فغير معروف.

ولأَبي حنيفة أَنْ الموجود من السفر بطل في حقِّ أَحكام الدنيا، لما روى مسلم وأَبو داود والترمذي والنَّسائي من حديث أَبي هريرة: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذا مات ابنُ آدمَ انقطَعَ عملُهُ ـ أَي ثوابه ـ إِلاَّ مِنْ ثلاثٍ: صدقةٌ جاريةٌ، أَوْ علمٌ يُنْتَفَع به، أَوْ ولدٌ صالح يَدْعُو له».

وحاصله: أَنَّ المراد بالانقطاع في أَحكام الدنيا وبعدَم الانقطاع في أَحكام العُقْبى، والأَول هو الذي يوجِبه هنا، كَمَنْ صام إِلى نصف النهار في رمضان، ثُم حضَره الموت، يجب أَنْ يوصِي بِفِدية ذلك اليوم، وإِنْ كان ثواب إِمساك ذلك القدر (١) باقياً، كذا ذكره ابن الهمام. وفي كون الوصية واجبةً بِفِدْية ذلك اليوم نَظَرٌ ظاهرٌ لا يَخْفَى على الأَعلام. وقد صرح صاحب «الهداية» في «التجنيس» أَنَّ مَنْ وجب عليه الحجُّ فحَجَّ مِنْ عامِه فمات في الطريق، لا يجب عليه الإِيصاء، لأَنه لم يؤخر بعد الإِيجاب.

ولو نوى الصَّرُورة ـ بالصاد المهملة: وهو الذي لم يحج حجَّة الإِسلام ـ (الحجَّ) (٢) نفلاً أَوْ عن غيره صحَّ (٣) عمَّا نوى عندنا لا عن فرضه كما قال مالك والشافعيّ. لهما على الأَول أَنْ بنية النفل تبقى مطلق نيّة الحج، وبمطلقِ النيةِ يتأَدَّى الفَرْضُ، ويدل عليه أَنَّ نية النفل لَغْوٌ لأَنه عبارة عن الزيادة، ولا يتصور قبل الأَصل، وإِذا لغت نية النفل تبقى مطلق نية الحج، وبمطلق النية يتأَدّى الفرض، ويدل عليه أَنْ نيّة النفل نوعُ سَفَهٍ (منه) (٤) قَبْل أَداء حجَّة الإِسلام، والسَّفِيه يستحق الحج، فجعلت نية


(١) في المخطوط: اليوم.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: حج، وما أثبتناه من المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>