للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما عَطِبَ أَوْ تَعَيَّبَ بِفَاحِشٍ، ففي الوَاجِبِ أَبْدَلَهُ والمَعِيبُ لَهُ،

===

دفعه إِلى غَنِي ضَمِنَه لوجود التعدي. (وما عَطِبَ) ـ بكسر الطاء ـ أَي هلك من الهدي في الطريق أَوْ قَرُبَ من العَطَب حتى خِيف عليه الموت، أَوْ امتنع عليه السَّيْر (أَوْ تَعَيَّبَ بِفَاحِشٍ) وهو ما يمنع إِجزاء الأُضحية، كذهاب ثُلُث الأُذن، أَوْ العين، أَوْ الذَّنَب (ففي الوَاجِبِ أَبْدَلَهُ) لأَنه في الذِّمة ولا يتأَدَّى بالمَعِيب، (والمَعِيبُ لَهُ) (١) لأَنه لم يخرج بتعينه لتلك الجهة عن ملكه، وقد امتنع صَرْفُه فيها فله صَرْفه في غيرها: من بيعٍو أَوْ تَصَدُّقٍ بلحمها. وفي التطوع: نَحَرَهُ وصَبَغَ نَعْلَهُ بدمِهِ وضرب به صفحة سَنَامه لما روى أَصحاب «السنن الأَربعة» من حديث نَاجِيةَ بن جُنْدُب الأَسْلَمِي: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ معه هَدْياً وقال: «إِنْ عَطِبَ فانْحَرْه ثُم اصبغ نَعْلَه في دمِه، ثم خَلِّ بينه وبين النَّاسِ». قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

والمراد بالنَّعْل: القلادة وفائدة ذلك إِعْلامُ الناس أَنه هَدْي فيأْكل منه الفقراء دون الأَغنياء، وليس عليه غيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً تَطَوُّعاً فَعَطِبت فليس عليه بَدَلٌ، وإِنْ كانت نَذْراً فعليه البَدَلُ». ذكره الشيخ في «الإِمام» وسكت عنه. ولا يأْكل هو أَيضاً ولا رُفقاؤه منها ولو كانوا فقراء، لما في مسلم وابن ماجه عن ابن عباس: أَنَّ ذُؤَيباً الخُزَاعي حَدَّثه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَبْعَثُ بالبُدْن (٢) معه ثُم يقولُ: «إِنْ عَطِب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها ثُم اغمس نَعْلَها في دمها، ثُم اضرِب به صفحتها، ولا تطعمها أَنت ولا أَحَدٌ مِنْ أَهل رفقتك». وفي روايةٍ لمسلم: وبعث معه بست عشرةَ بدَنَةً.

ولما أَسندَهُ الوَاقِدِي في أَول غزوةِ الحُدَيْبيةِ: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَراد الخروج … فذكر القِصة بطولها، وفيها أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم استعمل على هَدْيه نَاجِيةَ بن جُنْدُب وأَمره أَنْ يتقدمه بها، وقال: وكانت سبعينَ بَدَنةً، وفيها قال نَاجِية: عَطِب معي بعيرٌ من الهَدْي فجئت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالأَبواء فأَخْبَرْتُه، فقال: «انحرها واصبغ قلائدَها من دمها، ولا تأْكل أَنْت ولا أَحَدٌ من رفقتك منها شيئاً، وخَلِّ بينها وبين النَّاس».

ولما في «مُسْند أَحمد بن حنبل» عن عمرو (٣) بن خَارجة الثُّمَالي قال: بَعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم معي بهَدْي وقال: «(إِذا عَطِب منها شيءٌ فانْحَرْه، ثم اضْرِب نَعْلَه في دَمِه،


(١) أي: وبقي المَعِيبُ مِلكًا لصاحب الهدي.
(٢) في المطبوع بالهدي، والصواب ما أثبتناه من المخطوط، و"صحيح مسلم" ٢/ ٩٦٣، و"سنن ابن ماجه" ٢/ ١٠٣٦.
(٣) حرِّفت في المخطوط إلى: عمر، والصواب ما أثبتناه من المطبوع و"مسند الإمام أحمد" ٤/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>