للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِنْ شَهِدُوا بالوُقُوفِ قَبْلَ وَقْتِهِ، قُبِلَتْ،

===

ثم اضرب به صَفْحتَه) (١) ، ولا تأْكل أَنت ولا أَهلُ رفقتك، وخلِّ بينه وبين النَّاس» ـ أَي الفقراء دون الأَغنياء ـ. وهذا لأَن الإِذن يتناوله مُعَلَّقاً بِشرْط بلوغه محلّه، فينبغي أَنْ لا يَحِلَّ قبل ذلك أَصْلاً، إِلاَّ أَنَّ التصدّق على الفقراء أَفْضَل من أَنْ يتركه جَزَرَاً (٢) للسِّباع، إِذْ فيه نَوْعُ تَقَرُّب، والتقرُّب هو مقصودُ الربِّ المعبودِ، وهو الغفور الودود.

(وإِنْ شَهِدُوا بالوُقُوفِ قَبْلَ وَقْتِهِ) أَي قَبْلَ يوم الوقوف: بأَنْ شَهِدُوا أَنهم وقفوا يوم التَّرْوية (قُبِلَتْ) شهادتُهم، وعلى أَهْل عرفةَ إِعادةِ الوقوف، لأَن التدارك ممكن إِذا ظهر خطؤهم. وصورة هذه المسأَلة مُشْكِلَة لأَن هذه الشهادة لا تكون إِلاَّ بِأَنْ الهلال لم يُرَ ليلة الثلاثين من ذي القِعدة، بل رُئِي بعدها وكان ذو القعدة تَامَّاً، ومثل هذه الشهادة لا تُقبل لاحتمال كونِ ذي القعدة تسعةً وعشرين. فصورتها بحيث لا (يَتَأَتَّى) (٣) إِشْكَال فيها: أَنَّ الناس وقفوا ثُم عَلِمُوا بعد الوقوف أَنهم غَلِطوا في الحساب وكان الوقوف يومَ التروية، فإِن هذا المعنى (وهو الغلط في الحساب ـ) (٤) قبل الوقت بحيث يمكن التدارك، فالإِمام يأْمر الناس بالوقوف، فإِن علم ذلك في وقت لا يمكن تداركه فينبغي أَنْ يُقَال قد تَمَّ حج الناس.

هذا خلاصة كلام المصنف في «شرح الوقاية»، فتكون الشهادة على هذا بمعنى العِلْم، لكنَّ حَمْلَ العبارة المذكورة على هذا المعنى تَكَلُّفٌ (ظاهرٌ) (٥) ، وأَيضاً الغلط في الحساب من الجَمْع العظيم في غاية الاستبعاد. فلو قيل: إِنه علم ذلك بأَن رجع شهود رؤية الهلال أَوْ أَقَرُّوا أَنهم شهدوا زُوراً لم يَبْعُد.

ويحتمل أَنْ تكون السماء متغيمة في أُفُق مكة في أَول ذي الحجة، وشهد شاهدان أَنهما رَأَيَا الهلال وحُكِم بشهادتهما، ثُم جاءت جماعةٌ كثيرة من موضع آخر كانت السماء مُصْحِيَةً بذلك الموضع، فأَخبروا أَنهم لم يَرَوا الهلال، (وحُكِم بشهادتهما) (٦) مع اجتهادهم في طلبه والتفحص عن موضعه، ومثل هذه الشهادة وإِنْ كانت على النفي لكنَّ النفي الذي يمكن أَنْ يحيط به علم الشاهد يقبل.


(١) سقط من المطبوع.
(٢) جَزَرًا: أي قطعًا. المعجم الوسيط ص ١٢٠، مادة (جزد).
(٣) في المطبوع: يتأذى فيها، وما أثبتناه من المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) سقط من المطبوع.
(٦) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>