للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي صَلَاتِهِ أَوْ خَارِجَهَا) عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا عُرْفًا وَشَرْعًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَحْنَثُ وَهُوَ الْقِيَاسُ (يَوْمَ أُكَلِّمُهُ) يَقَعُ (عَلَى الْمَلَوَيْنِ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا يَقَعُ عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُمْتَدٍّ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ (وَصَحَّ نِيَّةُ النَّهَارِ) لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً لِكَوْنِهِ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ (وَلَيْلَةَ أُكَلِّمُهُ) يَقَعُ (عَلَى اللَّيْلِ خَاصَّةً) لِأَنَّ اللَّيْلَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ (إلَّا أَنْ) أَيْ لَفْظُ إلَّا أَنْ لِلْغَايَةِ كَحَتَّى فَفِي لَا أُكَلِّمُهُ إلَّا إنْ يَقْدَمْ زَيْدٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ يَحْنَثُ إنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ قُدُومِهِ وَإِلَّا لَغَا ضَرْبُ الْمُدَّةِ

(لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ) أَيْ إذَا قَالَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ (أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ إنْ أَشَارَ) إلَى الْمُضَافِ بِأَنْ قَالَ عَبْدَهُ هَذَا مَثَلًا (وَزَالَتْ إضَافَتُهُ) بِأَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ (لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى عَيْنٍ مُضَافٍ إلَى فُلَانٍ إضَافَةَ مِلْكٍ فَلَا تَبْقَى الْيَمِينُ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ كَمَا إذَا لَمْ يُشِرْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ لَا يُقْصَدُ هِجْرَانُهَا لِذَوَاتِهَا بَلْ لِأَذَى مُلَّاكِهَا وَالْيَمِينُ تَنْعَقِدُ بِمَقْصُودِ الْحَالِفِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ مَا دَامَ لِفُلَانٍ (كَالْمُتَجَدِّدِ) يَعْنِي لَا يَحْنَثُ إنْ تَجَدَّدَ الْمِلْكُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إجْمَاعًا بِأَنْ اشْتَرَى فُلَانٌ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا آخَرَ أَوْ دَارًا أَوْ دَابَّةً أُخْرَى (وَإِنْ لَمْ يُشِرْ) أَيْ أَضَافَ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُشِرْ إلَى الْمُضَافِ (لَا يَحْنَثُ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ زَوَالِ الْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى فِعْلٍ وَاقِعٍ فِي مَحَلٍّ مُضَافٍ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَحْنَثُ (وَيَحْنَثُ بِالْمُتَجَدِّدِ) أَيْ يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ فِي الْمُتَجَدِّدِ مِلْكًا لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ.

(وَفِي الصَّدِيقِ وَالزَّوْجَةِ، يَحْنَثُ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَدِيقَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ زَوْجَةَ فُلَانٍ هَذِهِ فَكَلَّمَ بَعْدَ زَوَالِ الصَّدَاقَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ يَحْنَثُ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْحُرَّ مَقْصُودٌ بِالْهِجْرَانِ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ الْمَحْضِ وَالدَّاعِي لِمَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ أَيْ لَمْ يَقُلْ لَا أُكَلِّمُ صَدِيقَ فُلَانٍ لِأَنَّ فُلَانًا عَدُوٌّ لِي فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّ تِلْكَ الْأَعْيَانَ لَا تُهْجَرُ لِذَوَاتِهَا أَمَّا غَيْرُ الْعَبْدِ فَظَاهِرٌ وَكَذَا الْعَبْدُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ لِخَسَّتِهِ وَسُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ أُلْحِقَ بِالْجَمَادَاتِ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ مُعْتَبَرَةً فَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ زَوَالِهَا.

(وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ صَدِيقَ فُلَانٍ أَوْ زَوْجَةَ فُلَانٍ فَزَالَتْ النِّسْبَةُ بِأَنْ عَادَى صَدِيقَهُ أَوْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ فَكَلَّمَ (لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ هِجْرَانِ الْحُرِّ لِغَيْرِهِ مُحْتَمَلٌ فَإِذَا تَرَكَ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْتَمَلِ إذْ لَوْ كَانَ لَعَيْنه لَعَيَّنَهُ فَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِضَافَةِ مَعَ وُجُودِ هَذَا الِاحْتِمَالِ

(حِينٌ وَزَمَانٌ بِلَا نِيَّةٍ نِصْفُ سَنَةٍ نَكَّرَ أَوْ عَرَّفَ) لِأَنَّ الْحِينَ يُرَادُ بِهِ الزَّمَانُ الْقَلِيلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: ١٧] الْآيَةَ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١] وَقَدْ يُرَادُ بِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: ٢٥] فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهَذَا وَسَطٌ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَالزَّمَانُ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْحِينِ (وَبِهَا) أَيْ بِالنِّيَّةِ (مَا نَوَى) لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ خَارِجَهَا) غَيْرُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْعَتَّابِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ الضِّيَاءِ وَقَالَ الْكَمَالُ اخْتَارَ الْمَشَايِخُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِجَمِيعِ ذَلِكَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَاخْتِيرَ لِلْفَتْوَى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ عَقْدِ الْيَمِينِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَأَخِّرِ اهـ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى أَنَّ الْيَمِينَ إنْ كَانَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْنَثُ بِالْقِرَاءَةِ خَارِجَهَا وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْفَتْوَى وَالْإِفْتَاءُ بِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَوْلَى اهـ.

(قُلْتُ) الْأَوْلَوِيَّةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِمَا أَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَأَخِّرِ وَلِمَا عَلِمْت مِنْ أَكْثَرِيَّةِ التَّصْحِيحِ لَهُ اهـ.

وَنَقَلَ عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ الْكُتُبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي عُرْفِنَا اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْغَائِيَّةَ كَحَتَّى) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ الشَّرْطِيَّةَ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ زَيْدٌ سَقَطَ الْحَلِفُ فِي الْغَائِيَّةِ كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُهُ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ وَلَا يَسْقُطُ الْحَلِفُ فِي غَيْرِهَا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ فَإِنَّهُ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ حَتَّى مَاتَ فُلَانٌ طَلَقَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الِاسْتِثْنَاءُ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْقُدُومِ كَانَ حَمْلُهَا عَلَى الشَّرْطِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْغَايَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ إنْ أَشَارَ وَزَالَتْ إضَافَتُهُ) جَوَابُ الشَّرْطِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِيمَا رَأَيْته مِنْ النُّسَخِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ وَفَعَلَ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى عَيْنٍ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْحِنْثِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ جَوَابِ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَحْذُوفٌ مِنْ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهِ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَمَّا إذَا نَوَى فَعَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ حِينٌ وَزَمَانٌ بِلَا نِيَّةٍ نِصْفُ سَنَةٍ) قَالَ الْكَمَالُ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ بِخِلَافِ لَأَصُومَنَّ حِينًا أَوْ زَمَانًا كَانَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ أَيَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ شَاءَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>