للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعية مع أن العلم بها ليس علما بكيفية عمل وأشار الغزالي١ إلى ما أذكره وهو تبيين أن المراد بالأحكام الشرعية هنا ما استفيد من الشرع وهو أعم من تفسير الحكم الشرعي الذي سيأتي فإنه لو أريد ذلك لاستغنى عن قوله هنا العملية وأخص من مطلق الحكم ويصير لفظ الحكم الشرعي مشتركا بين ما ذكره هنا وهناك وكان شيخنا أبو الحسن الباجي٢ يختار أن قيد العملية احتراز عن أصول الدين لأن منه ما يثبت بالعقل وحده كوجود الباري تعالى ومنه ما يثبت بكل واحد من العقل والسمع كالوحدانية ومنه وجوب اعتقاد ذلك ومنه ما لا يثبت إلا بالسمع لقصور العقل عن معرفته فأما الأول والثاني فخرجا بقولنا الشرعية وتفسيرنا إياها بما هو متوقف على الشرع وأما الرابع فقد يقال إنه داخل في الشرعية والأولى أن يجعل هو والأولان خارجة عنها بأن يراد بالحكم الإنشائي لا الخبري ولا شيء من الثلاثة بإنشاء وأما وجوب اعتقاد ذلك فهو حكم شرعي إنشائي فإن كان ذلك لا يسمى فقها فلا بد من إخراجه وما في الحد ما يخرجه إلا القيد المذكور ويرد على إخراجها وإخراج أصول الفقه بذلك إن أريد بالعمل عمل الجوارح والقلب فلا تخرج لدخولها في أعمال القلوب وإن أريد عمل الجوارح فقط خرجت النية وكثير من المسائل التي تكلم الفقهاء فيها كالردة وغيرها مما يتعلق بالقلب ولذلك ترى الآمدي وابن الحاجب لفظ العملية وقالا الفرعية لأن النية من مسائل الفروع وإن كانت عمل القلب ولعل الفقهاء إنما ذكروا ذلك لما يترتب عليه من الصحة والبطلان والمؤاخذة المتعلقات بالأعمال كما يذكر في بعض العلوم ما يتعلق به من علم آخر ثم إن كون الإجماع حجه مثل كون الزنا سببا لوجوب الحد وقد


١ هو: محمد بن محمد، أبو حامد الغزالي، صاحب إحياء علوم الدين والتصانيف العديدة في الأصول وغيره، مثل: المستصفى، والمنخول، وشفاء الغليل وغيره ذلك.
ولد سنة ٤٥٠هـ وتوفي سنة ٥٠٥هـ.
البداية والنهاية ١٢/١٧٣، شذرات الذهب ١/١٠-١٣.
٢ هو: علي بن محمد بن عبد الرحمن بن خطاب، علاء الدين الباجي، المولود في سنة إحدى وثلاثين وستمائة، كان عالماً بسائر العلوم النقلية والعقلية، الفقه والأصول، والمناظرة وغير ذلك. وكان أعلم أهل الأرض بمذهب الإمام أبي الحسن الأشعري في علم الكلام. توفي بالقاهرة سادس ذي القعدة سنة أربع عشرة وسبعمائة.
طبقات الشافعية ١٠/٣٣٩، حسن المحاضرة ١/٥٤٤،الدرر الكامنة ٣/١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>