للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منع الإمام بعد ذلك أنه حكم شرعي فعلى طريقة لا حاجة له إلى إخراجه فطريق الجواب عنه أن مراده هناك أنه ليس بحكم زائد على أبحاث الحد وكذا كون الإجماع حجة معناه إيجاب العمل به وبمقتضاه فيجب الاحتراز عنه.

"الوجه السادس قوله المكتسب من أدلتها" صفة للعلم وفي بعض النسخ المكتسبة صفة للأحكام والأول أحسن بل يتعين وإلا لاحتاج الحد إلى زيادة قوله: إذا حصل بالاستدلال وعلى كلا التقديرين فهو احتراز عن علم الله تعالى وما يلقيه في قلب الملائكة والأنبياء من الأحكام من غير اكتساب واحتراز أيضا عن العلم بوجوب الصلاة والزكاة والصوم ونحوه مما هو معلوم من الدين بالضرورة لأن لفظ الفقه يشعر بالعلم بما فيه دقة ولا دقة في ذلك ولأن العوام يعلمون ذلك ولا تسمى فقهاء وقال التبريزي١ في هذا القسم المعلوم بالضرورة إنه فقه وإن لم يسم المتصف به فقيها فذلك لأن العلماء في اسم الفقيه عرفا كما أن لهم في اسم الفقيه عرفا وكون تلك العلوم ضرورية لا يخرجها عن كونها فقها فإن معظم علوم الصحابة شرائع الأحكام كان كذلك وهذا الذي قاله التبريزي هو المختار وإن ذلك يسمى فقها ولذلك يذكر في كتب الفقه وإنما لا يطلق على العالم به وحده اسم فقيه لما فيه من المبالغة وفقيه اسم فاعل من فقه بضم القاف إذا صار الفقه له سجية وهو وصف له في نفسه لا يتعدى إلى غيره والفقه هو مطلق الفهم وهو صفة يتعدى إلى المفهوم والضمير في أدلتها للأحكام ولو قال من أدلته لصح أيضا على ما في النسخ المشهورة من جعل المكتسب صفة للعلم.

"الوجه السابع قوله التفصيلية" جعله الجمهور احترازا عن اعتقاد المقلد فإنه اعتبار وحكم شرعي عملي مكتسب من دليل إجمالي وهو أن هذا أفتاني به المفتي وكل ما أفتاني به المفتي فهو حكم الله في حقي وهو دليل عام لا


١ هو: علي بن عبد الله بن أبي الحسن بن أبي بكر الأردبيلي، تاج الدين التبريزي، كان من العلماء المجيدين لفنون العلوم، من المنقول والمعقول، كالفقه، والأصول، والفرائض، والنحو والحساب، وعني في آخر حياته بدراسة علوم الحديث.
توفي بالقاهرة في شهر رمضان سنة ست وأربعين وسبعمائة.
طبقات الشافعية لابن السبكي ١٠/١٣٧-١٣٨، الدرر الكامنة ٣/١٤٣، شذرات الذهب ٦/١٤٨ الأعلام للزركلي ٥/١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>