للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقدس شمّر عن ساق الجدّ والاجتهاد فى قصد القدس المبارك، واجتمع عليه العساكر التى كانت متفرّقة فى الساحل، فسار بهم نحو القدس معتمدا على الله تعالى مفوّضا أمره إليه منتهزا الفرصة فى فتح باب الخير الذي حثّ على انتهازه بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من فتح له باب خير فلينتهزه فإنّه لا يعلم متى يغلق دونه» .

وكان نزول السلطان على القدس فى يوم الأحد الخامس عشر من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين المذكورة، ونزل بالجانب الغربىّ، وكان مشحونا بالمقاتلة من الخيّالة والرّجّالة حتّى إنّه حزر أهل الخبرة، ممّن كان مع السلطان، من كان «١» فيه من المقاتلة فكانوا يزيدون على ستين ألفا خارجا عن النساء والصّبيان؛ ثم انتقل السلطان لمصلحة رآها إلى الجانب الشمالى فى يوم الجمعة العشرين من رجب ونصب عليها المجانيق وضايق البلد بالزّحف والقتال حتّى أخذ النّقب فى السور ممّا يلى وادى جهنّم «٢» ؛ ولمّا رأى العدوّ ما نزل بهم من الأمر الذي لا مدفع لهم عنه، وظهرت لهم أمارات فتح المدينة وظهور المسلمين عليهم، وكان قد اشتدّ روعهم لما جرى على أبطالهم ما جرى «٣» ، فاستكانوا إلى طلب الأمان، وسلّموا المدينة فى يوم الجمعة السابع والعشرين «٤» من رجب، وليلته كانت ليلة المعراج المنصوص عليها فى القرآن الكريم. فآنظر إلى هذا الاتفاق العظيم، كيف يسر الله تعالى عوده إلى المسلمين فى مثل زمان الإسراء بنبيّهم صلّى الله عليه وسلّم.