للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكان فتحا عظيما شهده من العلماء خلق، ومن أرباب الحرب «١» والزّهد عالم كثير، وارتفعت الأصوات بالضّجيج بالدعاء والتهليل والتكبير، وصلّيت فيه الجمعة يوم فتحه، ونكّس الصليب الذي كان على قبّة الصخرة، وكان الصليب شكلا عظيما، ونصر الله الإسلام. وكان الفرنج قد استولوا على القدس- بعد فتحه الأوّل فى زمن عمر- فى يوم الجمعة الثالث والعشرين من شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة؛ وقيل: فى ثانى شعبان وقيل يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر رمضان من السنة (أعنى سنة اثنتين وتسعين) ، وذلك كان فى خلافة المستعلى أبى القاسم أحد خلفاء مصر من بنى عبيد، وكان فى وزراة بدر الجمالى بديار مصر.

وقد حكينا طرفا من ذلك فى ترجمة المستعلى فى هذا الكتاب. قلت: وعلى هذا الحساب يكون القدس أقام بيد الفرنج نيّفا وتسعين سنة من يوم أخذوه فى خلافة المستعلي إلى أن فتحه السلطان صلاح الدين فى هذه المرّة ثانيا. ولله الحمد. قال ابن شدّاد: «وكانت قاعدة الصلح أنهم قطعوا على أنفسهم عن كلّ رجل عشرين «٢» دينارا، وعن كلّ امرأة خمسة دنانير صوريّة، وعن كلّ صغير ذكر أو أنثى دينارا واحدا، فمن أحضر قطيعته نجا بنفسه وإلّا أخذ أسيرا، وأفرج عمّن كان بالقدس من أسارى المسلمين، وكانوا خلقا عظيما؛ وأقام السلطان بالقدس يجمع الأموال ويفرّقها على الأمراء والرجال، ثم رسم «٣» بإيصال من قام بقطيعته من الفرنج إلى مأمنه، وهى مدينة صور، فلم يرحل السلطان من القدس ومعه من المال الذي جى شىء، وكان يقارب مائتى ألف دينار [وعشرين «٤» ألف دينار] .