للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها وينشرها باسم رسائل سعدية، ومنها رسالة بقلم عبد العزيز الفشتالى صاحب القلم الأعلى ورئيس ديوان الإنشاء فى عهد المنصور الذهبى وهى موجّهة على لسانه إلى «سكية» أمير كاغو عاصمة السودان الغربى الذى تولى الحكم هناك سنة ٩٩٦ هـ‍/١٥٨٨ م قبل غزو المنصور لبلاده واستيلائه عليها وخلعه سنة ٩٩٩ للهجرة، وفيها يقول (١):

«إلى كبير كاغو وأميرها، ومالك زمام أمورها وتدبيرها، والمرجوع إليه-عند خاصتها وجمهورها، الأمير الأجل، الأثيل (٢) الأحفل-الأمر-سكيّة، وصل الله كرامته، وجعل التقى سمته وعلامته، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أما بعد حمد الله مسهّل المرام، وميسّر أسباب الكمال والتمام، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد شفيع الأنام، المبعوث بالحنيفية السمحاء إلى الخاص والعام، والرضا عن آله الأئمة الأعلام، وخلفاء الإسلام، وعن أصحابه الذّابّين عن كلمته بالسنان والحسام، ومواصلة الدعاء لهذا الجناب الكريم (جناب المنصور الذهبى) بالعزّ السامى المقام، والنصر المنشور الرايات والأعلام، فإنا كتبناه إليكم من حضرة فاس المحروسة بالله، وعناية الله وارفة الظلال، ونواسم النصر والإقبال دائمة الهبوب بالبكر والآصال، ولله المنّة».

ويذكر الفشتالى بعد ذلك الغرض من رسالته، وهو أن معدن الملح فى بتغازى (بين تمبوكتو ودرعة فى جنوبى المغرب الأقصى من إيالة المنصور الذهبى وفى حكم إمامته وأنه يختص ببيت مال المسلمين، ولذلك رأى المنصور أن يضع عليه خراجا ينفع المسلمين ويضر أعداء الله الكافرين، ويذكر له أنه جعل الخراج مثقالا على كل جمل من سائر الإبل التى تحمل هذا المعدن، ويقول له إن ما سنحصل عليه من الأموال سيصرف فى سبيل الغزو والجهاد وفى أرزاق العساكر الأجناد، التى جعلناها لنكاية عدو الدين بالمرصاد، واعتددناها لحياطة البلاد والعباد. ثم يقول محببا له فى الرضا عن دفع بتغازى لهذا الخراج: إن هؤلاء الجنود الذين سيأخذون أرزاقهم أو بعبارة أخرى رواتبهم من هذا الخراج هم «جنود الله التى لولاها- وما حجزت بينكم وبين طواغيت الشرك سيوفها القاصمة، وضربت فى وجه الكفر دونكم بأسوارها العاصمة، وخضدت من شوكة الشرك باستئصال حماته وأنصاره، ومنازلته على الدوام فى عقر داره-لفاض عليكم طوفانه السائل، وسال على أرضكم منه شؤبوب (٣) هاطل، وكبحت عنكم عنان الكفر حتى نمتم فى كفالتها آمنين، وفى حياطتها وادعين ومطمئنين». ويطلب إلى سكيّة الإسعاف والإسعاد وأن لا يسعى فيما يبطل هذه الفريضة من الخراج التى تعود بالنفع على الإسلام وتؤيد حزب الله فى مواصلته لقتال عبدة الأصنام.


(١) راجع الرسالة فى كتاب رسائل سعدية لكنون ص ١٣٢.
(٢) الأثيل: الأصيل.
(٣) الشؤبوب: الدفعة من المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>