للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلقى العفاة بواضح متبلّج ... متبسّم يستبشر استهلالا (١)

والله إذ قسم المكارم فى الورى ... أوفى له من حظّه المكيالا

لو واجه البدر المنير بوجهه ... لغدا به البدر المنير هلالا

أو قابل الشمس المضيئة بالضّحى ... صحوا لألبس وجهها أجلالا (٢)

ولو انّه وازنته بلداته ... وزنوا البعوض ووزان الأجبالا (٣)

فتبارك الله الذى أعطاه ما ... يستوجب الإكرام والإفضالا

ومحمد مولود يمجّد فى محمد بن كمال كرمه الفياض الذى يجعله يلقى السائلين بوجه مشرق سمح مبتسم مستبشر. ويقول إن الله إذ قسم المكارم فى الناس وفىّ له حظّه منها. ويعمد إلى المبالغة فى مديحه، فلو أنه واجه البدر المنير بوجهه لتصاغر أمامه وغدا هلالا، ولو أنه قابل الشمس المضيئة ضحى والسماء مصحية لباءت منه بكسوف ما مثله كسوف، ولو أنك قارنته بأترابه لغدوا كأنهم بعوض أمام جبل أو جبال ضخمة، فتبارك الله الذى تفضل عليه بكل هذه العطايا والمنح الجزيلة. ويقول على بن ألاّ من شعراء القرن الثالث عشر الهجرى فى مديح بنى شعبان (٤):

اليوم أصبح قد تفرّد بالعلا ... والمجد سادتنا بنو شعبان

النازلون من الثغور مخوفها ... والقائلون هلمّ للضيفان

وإذا الأمور تعاظمت وتشابهت ... فصلوا الخطاب بحكمة وبيان

كم فيهم من ناشئ ذى بهجة ... يبدى دقيق الفهم بين معانى

حفظ المسائل والعقائد فرعها ... والأصل بعد فصاحة الألحان

وحوى حديث المصطفى بنصوصه ... وشروحه ومعانى القرآن

قوم إذا ما أسنتوا جادوا كما ... جادت سواكب صيّب التّهتان (٥)

وهو يقول إن بنى شعبان تفردوا بالعلا والمجد والنزال الضارى فى الثغور المخوفة، وهم ذوو الوجوه المستبشرة فى لقاء الضيفان، وإذا الأمور ادلهمت وأشكلت نطقوا بفصل الخطاب فى حصافة وحكمة وبيان رائع، وما أروع ناشئتهم، فكم من ناشئ دقيق الفهم منهم، حفظ مسائل الفقه والعقيدة فروعها وأصولها وحفظ حديث المصطفى صلّى الله عليه وسلم بنصوصه وشروحه كما حفظ معانى القرآن الكريم، فما أعظمهم من قوم كرام وأى كرم إنهم إذا ما أجدبوا سنة استحالوا فى الجود غيثا مدرارا، كما تجود مواكب السحب المتراكمة


(١) العفاة: السائلون-متبلج: مشرق.
(٢) أجلال: جمع جل: غطاء.
(٣) الأجبال: جمع جبل.
(٤) الشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٢٧٥.
(٥) أسنتوا: أجدبو. الصيب: السحاب الممطر. التهتان: السائل بغزارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>