للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر يكون اقتضاؤه بالفعل على الفور ولأن كل واحد نظير صاحبه ومما يعتمدون عليه وهو شبه المسألة وإشكالها أن القول بالتأخير يؤدى إلى أقسام كلها باطلة فيكون باطلا فى نفسه لأن ما يؤدى إلى الباطل باطل وإنما قلنا ذلك لأنه إذا جاز التأخير فلا يخلو أما أن يجوز إلى غاية أو لا إلى غاية فإن جاز لا إلى غاية فإما أن يجوز إلى بدل أو لا إلى بدل فإن قلتم لا إلى بدل فهذا نقض لوجوبه وإلحاق له بالنوافل وهو لا يجوز وأن قلتم يجوز إلى بدل فإما أن يكون البدل هو العزم على فعله فى الوقت الثانى أو الوصية به فأما العزم فقد أبطلنا كونه بدلا والمعتمد فى إبطاله أنه لا دليل على كونه بدلا فلا يجوز تأخير العبادة إلى بدل لا دليل عليه.

فان قلتم أن الإجماع ثابت على وجوب العزم فقد بينا أن لا إجماع وعلى أنه وأن وجب العزم فوجوب الشيء لا يدل على أنه يكون بدلا من غيره بل الأصح أن الأمر يوجب الفعل أصلا ويوجب العزم عليه أصلا إلا أن وجوب أحدهما بالصريح ووجوب الآخر بالدلالة وأما القول بجواز التأخير إلى بدل الوصية فباطل أيضا لأنه ليس كل العبادات مما يجوز الوصاية بفعلها وعلى أنه أن كان أمر الله تعالى لنا أن نفعل العبادة لا يمنع من أن يعزم على الإخلال أو يوصى غيرنا بها لم يمنع أيضا أمرنا الوصى أن يوصى بما وصيناه به ويحل بفعله بنفسه وكذلك القول فى الوصى الثانى والثالث إلى ما لا يتناهى.

قالوا: وأن قلتم يجوز التأخير إلى غاية فلا يخلوا لنا أن تكون الغاية معينة أو موصوفة فالمعينة أن يقال يجوز له التأخير إلى اليوم الثانى أو الثالث أو وقت كذا أو سنة كذا فلا يجوز تأخيره بعده وهذا لم يقل به أحد ولا دليل عليه فهو باطل.

وأما الموصوفة فهو أن يقال يجوز له تأخيره إلى الوقت الذي يغلب على ظنه أنه لو آخر عنه فات وهذا لا يخلوا أما أن يغلب على ظنه لا بأمارة أو يغلب على ظنه بأمارة من شدة مرض وعلو سن وغير ذلك وهذا باطل ايضا أما غلبة الظن لا عن إمارة فليس بشيء لأن الظن لا عن أمارة لا يجوز تعليق حكم الشرع به ولأنه قد يغلب الظن على السوء اى فى الموت وغيره ولا يجوز أن نعتبر مثل هذا الظن فى شيء وأما الظن عن أمارة فهو باطل أيضا لأن كثيرا من الناس يموتون فجأة وبغتة ولا يوجد لهم غلبة الظن فيموتون فما قلتم يقتضى أنه لم تجب عليهم العبادة لأنه قد جاء عندكم التأخير إلى غاية ولا غاية فى حقهم وكان التأخير لهم جائزا على الإطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>