للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا إنما عقل التعجيل فى ذلك الأمر بقرينة دلت عليه وهى علم العبد أن السيد لا يستدعى الماء إلا وهو محتاج إلى شربه هذا هو الأغلب ولو لم يوجد إلا فى الأمر فإنه لا يعقل ذلك.

وأما قولهم أن السيد يقول: أمرته بكذا فأخره.

قلنا وقد يعتذر العبد فيقول: أمرنى بكذا ولم يأمرنى بتعجيله ولا علمت أن عليه فى تأخيره مضرة.

وأما كلامهم الثانى قلنا هذه الأحكام التي تعلقوا بها عامة صيغها صيغ أخبار وقد بينا أن صيغة الخبر لا تدل على قرب من المخبر عنه ولا يعد إلا بدليل يقترن به أيضا فإن هذه العقود فى الشرع إيقاعات تقتضى أحكاما على التأبيد فلا بد أن تتصل أحكامها بالعقود ليصح القول بإتيانها على التأبيد فهو مثل النهى فى مسألتنا فإنه لما اقتضى الانتهاء والكف على التأبيد اقتضى الانتهاء على الفور ليصبح القول بثبوتها على التأبيد.

فإن قيل كون الحكم إذا وقع دام لا يمنع من النظر فى ابتداء وقوعه أنه يقع معجلا أو على التراخى وهو كالملك فى الثمن المؤجل فإنه يقع الملك فيه فى المستقبل ثم إذا وقع دام وهو لا يمنع ذلك من النظر فى ابتداء وقوعه أنه على التعجيل أو على التراخى ويكون ذلك بحسب قيام الدليل عليه.

قلنا إذا كان قضية الشيء أن يكون حكم على الدوام فاعتقاد التراخى فيه يفضى إلى اعتقاد الجزم فى صفة الدوامية لأنه يتراخى ويتراخى إلى زمان يوجد حكم اكتسب فى ذلك الزمان ولا يتصور معنى الدوام فيه فلهذا قلنا أنه يكون على الفور على ثبت صفة الدوام ثم نقول فى هذه المسائل التى قاسوا عليها لم تثبت صفة التعجيل بصيغ هذه الألفاظ وإنما ثبتت بإثبات الشرع لها ذلك وكلامنا وقع فى مقتضى صيغة اللفظ فسقط تعلقهم بها من هذا الوجه وهذا جواب معتمد.

وأما دليلهم الذى قالوه من جهة فائدة اللفظ قولهم أن الأمر قد أفاد الوجوب فى أول أوقات الإمكان.

قلنا أي شيء يعنون بهذا أن عنيتم أنه أفاد الوجوب فى أول الوقت على وجه لا يجوز تأخيره عنه فلا نسلم ذلك وأن عنيتم أنه أفاد الوجوب فى أول الوقت على معنى أنه إذا أوقعه فيه يقع من الواجب قلنا لم قلتم إذا كان على هذا الوصف وجب إلا يجوز التأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>