للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلتم لأنه كان واجبا فى أول الوقت وجاز التأخير أدى إلى نقض وجوبه وإلحاقه بالنوافل.

قلنا لا يؤدى إلى ذلك لأنه إنما يؤخر لا لأنه غير واجب بل يؤخر لأنه واجب موسع عليه فى وقته والواجب على وجهين واجب موسع على المكلف فى وقته وواجب مضيق على المكلف فى وقته فالمضيق عليه فى وقته لا يجوز تأخيره فأما الموسع عليه فى وقته يجوز تأخيره وهذا التأخير لا يخل بصفة الواجبية لأنه جوز لنا التأخير عن أول أوقات الإمكان إلى وقت مثله فى الإمكان وشرط عليه أن لا يخلى كل الوقت عن الفعل ولما أخلا عصى وأثم فعلى هذا أفاد صفة الواجبية ولم يلتحق بالنافلة فهذا وجه الجواب عن هذا الدليل وقد سلك بعض أصحابنا طريقا آخر فى الجواب وقال إنما جاز التأخير إلى بدل وهو العزم وزعم أن الإنسان إنما يجوز له التأخير بشرط أن يكون عازما على فعله الثانى.

وذكر القاضى أبو الطيب وجهين للأصحاب فى وجوب العزم وهذه الطريقة صعب تمشيتها شاق مسلكها للمسائل التى ذكرناها وما ذكرناه من الجواب معتمد وهو كاف

ويقال أيضا لهم إنكم تعلقتم بسقوط الأمر عنه بفعله فى أول الوقت بمعنى يستوى فى ذلك الوقت الأول والثانى وذلك لأن الأمر اقتضى إيقاع الفعل فقط من غير تعرض للوقت فإذا فعله فى الوقت الأول فقد أوقع الفعل وإذا فعله فى الوقت الثانى أو الثالث فقد أوقع الفعل فكان سقوط الفرض عنه بفعل المأمور فى أول الوقت لا لمعنى يرجع إلى الوقت بل كان لوجود حصول الفعل على ما اقتضاه الأمر وقد استوى فى هذا المعنى كل الأوقات فصار جميع الأوقات فى هذا الوقت واحدا وصح الفعل فى الوقت الثانى والثالث من حيث صحته فى الوقت الأول ولم يؤد هذا التوسع عليه إلى إلحاقه بالنوافل لما بينا من قبل.

وأما ما تعلقوا به من وجوب الإعتقاد على التعجيل.

قلنا ولم قلتم إذا وجب تعجيل إعتقاد وجوب المأمور به وجب تعجيل المأمور به وما أنكرتم أن تعجيل الاعتقاد وجب لدليل يخصه لا للأمر وإنما كان يلزم ذلك أن لو وجب لقضية الأمر.

فإن قالوا: أن الاعتقاد تابع للمعتقد فإذا تعجل الاعتقاد وجب أن يتعجل المعتقد قلنا والمطالبة مع هذا ولم إذا وجب تعجيل الاعتقاد مع هذا وجب تعجيل المعتقد

<<  <  ج: ص:  >  >>