للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتصور انفصال أحدهما عن الآخر.

ثم يقال لهم إنما وجب تعجيل اعتقاد الوجوب لأنه إذا كان قام الدليل للمكلف فى أن الأمر يفيد الوجوب وقد وجد الأمر فكيف يتصور أن لا يعتقد وجوب الأمر والأمر على هذا الوجه فأما تعجيل الفعل فيجوز أن يعتقد الوجوب فى المأمور ومع هذا لا يجب عليه تعجيله لما بينا من قبل وعلى أنا نقول يلزمه اعتقاد وجوبه على التوسع كما يلزمه فعله على التوسع وإذا وجب الفعل على حسب ما يعتقده من الوجوب ووجب الاعتقاد على حسب ما يلزمه من الفعل لم يقع الفرقان بوجه ما وأما تعلقهم بفصل النهى فقد أجبنا عنه من قبل وهو أنه يقتضى الانتهاء على الدوام فإنما كان على الفور والتعجيل لأنا إذا لم نعجله على هذا الوقت أدى إلى بطلان صفة الدوامية فيه على ما سبق بيانه ويمكن أن يجاب عن فصل اعتقاد الوجوب بهذا أيضا وأما الذى ذكروه من بعد هذا وهو أن القول بجواز التأخير يؤدى إلى أقسام كلها باطلة قلنا لا يؤدى لأنا نقول يجوز له التأخير إلى أن يغلب على ظنه أنه إذا آخر يفوت المأمور ونقول أن الظن المعتبر هو الظن عن إمارة وهذا قسم صحيح جائز اعتقاده لأن الظن عن أمارة دليل من دلائل الشرع.

فيجوز بناء الأحكام عليه بدليل الاجتهاد فى الأحكام فكذلك هذا الحكم يجوز بناؤه عليه ولأن الله تعالى قد كان أوجب الوصية للأقارب فى ابتداء الاسلام عند حضور الموت على ما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] ولا يعرف حضور الموت إلا بغلبة الظن عن إمارة وقد بين الشرع إيجاب الوصية عليه كذلك هاهنا يجوز أيضا مثله

وأما قولهم أنه ربما يموت بغتة أو فجأة.

قلنا هذا الذى قلتم نادر والظاهر الأغلب فى حق الناس موافقة علامات حضور الموت واحتباس الإنسان بضعفه وحضور أجله ومعرفته بظهور علاماته فيه والنادر لا يدخل فيما بنى أمره على الأعم الأغلب بدليل ما قلناه فى الوصية.

فإن قالوا: ما قولكم إذا مات بغتة يموت عاصيا أو لا يموت عاصيا.

فإن قلتم يموت عاصيا فمحال لأنا أطلقنا له التأخير فاخترمته المنية من غير أن يحس بحضورها لم يتصور إطلاق وصف العصيان عليه لأن وصف العصيان بالتأخير مع إطلاق التأخير محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>