للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما دليلنا فنقول الأمر يفيد الوجوب قد تناول أول الوقت قطعا فأفاد الوجوب قطعا يدل على أن الأمر تناول جميع الوقت على وجه واحد فإن كان لا يفيد الوجوب فى أوله فلا يفيد فى أخره فإذا أفاد الوجوب فى أخره فلا بد أن يفيد فى أوله ولأنا أجمعنا أنه يجب عليه نية الواجب إذا فعل الصلاة فى أول الوقت ولو نوى النفل بطلت صلاته والنية مصححة للفعل ومفسدة له فلو كان المفعول فى أول الوقت يقع نفلا لم يبطل النفل بل كان ينبغى أن يكون نية النفل مصححة لها.

ببينة أنه لما وجبت نية الفرض علمنا قطعا أن المفعول لا يقع نفلا لأنه لا يتصور أن يقع عن النفل مع وجوب نية الفرض وإذا وقع عن الفرض ثبت أنه فرض فإن قالوا: ليس فيما قلناه أكثر من وقوع الفعل عن الواجب قبل الوجوب وأنتم قد فعلتم مثل هذا فى صلاة العصر للمسافر فى وقت الظهر وصلاة العشاء الاخرة له فى وقت المغرب وكذلك الوضوء يجب عند دخول وقت الصلاة وقد صح بالإجماع قبله.

قلنا واحد منهما لا يلزم أما الأول فوقت الظهر وقت وجوب العصر فى حق المسافر إلا أنه واجب موسع وكذا نقول فى العشاء الأخرة أن وقت المغرب وقت وجوبها فى حق المسافر وهذا ثابت عندنا بالنصوص الواردة فى الباب على ما عرف فلم نقل بجواز تقديم الواجب على وقته.

وأما فصل الطهارة قلنا دخول الوقت إنما يوجب الوضوء على المحدث لإزالة الحدث فأما إذا كان تطهر قبل دخول الوقت وجاز على طريق النفل فقد زال الحدث ودخل وقت الصلاة وهو متطهر غير محدث ولم يجب عليه الوضوء أصلا وهذا لأن الوضوء لا يجب لعينه بحال وإنما وجب شرطا للصلاة ليؤديها على طهر من حدث وإذا كان متطهرا عن الحدث عند دخول الوقت فقد وجد شرط الصلاة فلم يتصور وجوب الطهارة عليه.

وأما الجواب عن قولهم أن حد الواجب ما لا يجوز تركه.

قلنا لا ترك هاهنا على وجه يخل بالواجبية فلم قلتم أن الترك الذى لا يخل بالواجبية لا يسع فى الواجب والدليل على أنه لا يخل بالواجبية أن هذا واجب واسع وقته على معنى أن وقته يشتمل على أزمان غيره لهذا الفعل على الترادف والتعاقب فلا بد أن يكون لتوسع الوقت أى فى هذا الواجب وليس ذلك إلا أنه يجوز تأخيره عن أول زمانه إلى زمانه الثانى والثالث والرابع إلى أن يضيق فى أخره فيوجد وقت لا يتلوه

<<  <  ج: ص:  >  >>