للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقت أخر. وجواز التأخير على هذا الوجه لا يخل بالواجبية لأنه أخره عن وقته أو تركه فى وقت إلى وقت مثله فى الوجوب فيفيد فائدة الأمر فى الإيجاب لأن الوقت الثانى فى الحقيقة صار مثل الوقت الأول فكأنه الوقت الأول فكذلك الثالث والرابع ولا يخص ترك وهذا لأن المحظور ترك يؤدى إلى تفويت الواجب وإذا تعددت أوقات الفعل بحكم اتساعه لم يوجد تفويت وإذا قرر على هذا الوجه وقع التفريق بينه وبين النفل ولم يلحق به بحال فقد وقع الانفصال عن هذه الشبهة بأبين وجه وبقى الدليل الذى قدمناه من غير أن يكون لهم غلبة كلام بوجه ما وأما إذا مات فى خلال الوقت فقد بينا أنه غير عاص بقول من قال من أصحابنا أن على هذا لا يصح إلا أن يقال أنه غير واجب فى أول الوقت خطأ وقد بينا الكلام عليه فى المسألة الأولى وحققنا وجود الوجوب مع القول بترك معصيته عند اخترام المنية إياه ولا مزيد على ما قلناه.

وأما الزكاة فعندنا الأمر اقتضى الإيجاب من وقت ما تناوله الأمر وقد تناوله الأمر وقد تناول الأمر ما بعد الحول فلا يجب قبله فكذلك الأمر هاهنا قد يتناول أول الوقت فلا يتآخر عنه الوجوب.

وأما جواز إخراج الزكاة قبل الحول رخصة من الشرع ثبت ذلك بالنص الوارد فيه والرخص لا يجوز إلزامها على الواجبات التى هى عرفيه ولو وردت هاهنا رخصة بجواز فعل الصلاة قبل الوقت لقلنا بذلك.

فإن قال قائل الوقت سبب الوجوب فكيف يتصور أن يجب من أول الوقت إلى أخره وهو يؤدى إلى أن يكون الزمان الأول سببا للوجوب وكذلك الزمان الثانى والثالث فيكون ذلك إيجاب ما هو واجب وهذا لا يجوز الجواب أن عندنا الوقت ليس بسبب الوجوب أما سبب الوجوب خطاب الشرع إلا أنه يجب مرة فى زمان متضيق ويجب مرة فى زمان واسع وكل واحد جائز معقولا ومشروعا على ما سبق بيانه فعلى هذا لم يرد إلى ترادف الإيجاب فى فعل واحد بل الإيجاب حصل مرة واحدة إلا أنه واجب متوسع وقته فصار الترادف فى الوقت لا فى نفس الإيجاب فسقط ما قالوه من هذا الوجه وقد دل ما ذكرناه أن الوجوب لا يستقر بأول الوقت واستقرار الفريضة معتبرة بإمكان الأداة بعد دخول الوقت وهو الظاهر من مذهب الشافعى وإذا استقر بإمكان الاداء كان التأخير جائزا بحكم توسع الوقت بشرط أن

<<  <  ج: ص:  >  >>