للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجل يسفعني يومٌ"، مَنْزِلةَ الجزاءِ الذي يَسْتغني عنِ "الفاء"، لأنَّ مِن شأنِه أن يرتبطَ بالشَّرط من غير رابط، وهو قولك: "إن تعطيني أَشكُرْك" ونزَّل الجملةَ في "جاءني زيدٌ وهو راكبٌ"، منزلةَ الجزاءِ الذي ليس من شأنِه أنْ يَرتَبطَ بنفسهِ، ويحتاجُ إلى "الفاء كالجملة في نحوِ: "إنْ تأتني فأنتَ مُكْرَمٌ"، قياساً سويًا وموازنة صحيحة١.

بيان دخول الواو على الجملة:

٢٤٤ - فإنْ قلتَ قد عَلِمْنا أنَّ علَّة دخولِ "الواو" على الجملة أن تَسْتأنِفَ الإثباتَ، ولا تَصلَ المعنى الثاني بالأول في إثباتٍ واحدٍ، ولا تُنَزِّلَ الجملةَ منزلةَ المفردِ ولكنْ بقِيَ أنْ تعلَمَ لِمَ كان بعضُ الجمل، بأنْ يكون تَقديرُها تقديرَ المفرد في أَنْ لا يُستأْنَفَ بها الإثباتُ، أوْلى مِنْ بعض؟ ٢ وما الذي منَعَ في قولكَ: "جاءني زيدٌ وهو يسرعُ، أو: وهو مسرع" من أن يَدخُلَ الإسراعُ في صلةِ المجيءِ ويُضَامَّه في الإثبات، كما كان ذلك حِينَ قلتَ: "جاءني زَيْدٌ يُسرع

فالجوابُ أن السببَ في ذلك أَنَّ المعنى في قولك: "جاءني زيدٌ وهو يُسرعُ"، على استئنافِ إثباتٍ للسرعة، ولم يكنْ ذلك في "جاءني زيدٌ يُسْرعُ". وذلك أنكَ إذا أَعدْتَ ذكْر "زَيدٍ" فجئْتَ بضميرِه المنفصلِ المرفوع، كانَ بمنزِلِة أنْ تُعيدَ اسْمَه صريحاً فتقولُ: "جاءني زيدٌ وزَيدٌ يسرعُ" في أّنَّك لا تَجد سبيلاً إلى أّنْ تُدخِلَ "يسرعُ" في صلةِ المَجيء، وتَضُمَّه إليه في الإثبات. وذلك أنَّ إعادتَكَ ذكْرَ "زيدٍ" لا يكون حتى تقصد استئناف الخبر.


١ السياق: "ونزل الجملة .... قياسًا سويًا ... ".
٢ السياق: "لم كان بعض الجمل ... أولى من بعض" خبر "كان".