للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ عَلَوْتُ قُتُودَ الرحْل يَسْفَعُني ... يومٌ قُدَيَدِيمَة الجوزاءِ مسْمُومُ١

كأنه قال: "وقَدْ عَلَوْتُ قُتُودَ الرجل بارزاً للشمس ضاحياً"، وكذلك قولُه:

مَتَى أَرى الصبحَ قَدْ لاحَتْ مَخايِلهُ٢

لأنه في معنى: "متى أرى الصبح باديًا متجلِّياً" وعلى هذا القياس أبداً. وإذا قلتَ: "جاءني وغلامه يسعى بين يديه" و "رأيت زيداً وسَيفُه على كتفه"٣، كان المعنى على أنك بدأَتَ فأثبتَّ المجيءَ والرؤْيةَ، ثم استأنَفْتَ خبراً، وابتدأتَ إثباتاً ثانياً لسعيِ الغلام بِين يديه، ولكونِ السيفِ على كَتِفه، ولمَّا كان المعنى على استئنافِ الإثباتِ، احْتِيجَ إلى ما يَربِطُ الجملةَ الثانيةَ بالأُولى، فجيءَ بالواو كما جيء بها في قولك: "زيدٌ منطلقٌ وعمرو ذاهب" و "العلم حَسَنٌ والجهلُ قَبيحٌ". وتَسْميتُنا لها" واو حال"، لا يُخْرجها عن أنْ تكونَ مجْتَلَبةً لِضَمِّ جملةٍ إلى جملةٍ.

ونَظيرُها في هذا "الفاءُ" في جوابِ الشرطِ نحوُ: "إنْ تأتِني فأَنْتَ مُكْرَم"، فإنها وإنْ لم تكن عاطفةً، فإِن ذلك لا يُخْرجُها مِنْ أن تكونَ بمنزلة العاطفةِ في أنها جاءتْ لتَرْبِطَ جملة ليس مِنْ شأنِها أن ترتبِطَ بنفسِها٤، فاعرفْ ذلك ونزَّل الجملةَ في نحوِ: "جاءني زيدٌ يسرعُ" و "قد علوت قتود


١مضى البيت في رقم: ٢٣١، وهو لعلقمة بن عبدة.
٢ مضى في رقم: ٢٣٦، وتمامه:
والليل قد مزقت عنه السرابيل
٣ انظر الفقرة رقم: ٢٢٦.
٤ في المطبوعة وحدها: "أن تربط بنفسها".