للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يدل على فساد ذلك أن يؤدِّي إلى أن يكونَ "يُسرع" قد اجتمعَ في موضعِه النصْبُ والرفعُ، وذلك أنَّ جعْلَه حالاً من "زيدٍ" يَقتضي أن يكونَ في موضع نصب وجعله خبرًا عن "‘مرو" المرفوعِ بالابتداءِ يَقتضي أَنْ يكونَ في موضعِ رفعٍ. وذلك بيِّنُ التدافعِ. ولا يَجِبُ هذا التدافعُ إذا أخَّرْتَ "عمراً" فقلْتَ: "جاءني زيدٌ يسرع عمرو أمامه"، لأنك ترفعه حينئذ بيسرعُ١، على أنه فاعلٌ له، وإذا ارتفعَ به لم يوجب في موضعه إعرابًا٢،


= "مما يزيد في بيان هذا المسئلة أنك لو قلت: "جاءني زيد وعمرو مسرع بين يديه"، لم تستطيع أن تنصب "مسرعًا" على أن تجعله داخلًا في إثبات المجيء، لأن نصبه يخرجه من أن يكون خبرًا عن "عمرو"، فيبقى "عمرو" مبتدأ لا خبر له. وإذا عرفت هذا في "مسرع" الذي هو اسم، فقس "يُسرع" في قولك: "جاءني زيد وعمرو يسرع أمامه" عليه وإذا قلت: "جاءني زيد يسرع عمرو أمامه"، أمكنك أن تضع الاسم موضع الفعل فتقول: "جاءني زيد مسرعًا عمرو أمامه"، ويكون لعمرو عامل يعمل فيه ولا يبقى ضائعًا، لأن اسم الفاعل إذا تقدم، صح أن يرتفع "عمرو" به وإذا تأخر لم يصح، لأنه إذا تأخر صار "عمرو" مبتدأ، وإذا صار مبتدأ احتاج إلى خبر، والاسم [لا يكون خبرًا وينصب].
وهذا الذي بين القوسين جاز عليه التصوير، فلم يبق منه إلا حروف، فهكذا قرأته، والله أعلم.
١ "حينئذ"، ليست في المطبوعة، وأشار رشيد رضا أنها عنده في نسخة.
٢ في المطبوعة بين قوله: "لم يوجب في موضعه إعرابًا"، وقوله: "فيبقى مفرغًا"، كلام ليس في شيء من الأصول، وقد نبه الشيخ رشيد رضا في الاستدراك على أنها حاشية، وليست في الأصل وهذا نصها: