للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيبقى مُفْرَغاً لأن يُقدَّرَ فيه النصْبُ على أَنه حالٌ من "زيدٍ" وجَرَى مجْرى أن تقول "جاءني زيد مسرعًا عمرو أمامه".

القياس أن لا تَجيءَ جملةٌ من مبتدأٍ وخبرٍ إلا مع الواو، وعلة ترك ذلك:

٢٤٦ - فإن قلتَ: فقد يَنبغي على هذا الأصلِ أن لا نجيء جملةٌ مِن مبتدأٍ وخبرٍ حالاً إلاَّ معِ "الواو"، وقد ذكرتُ قبْلُ أنَّ ذلك قد جاءَ في مواضعَ من كلامهم١.

فالجوابُ أنَّ القياسَ والأصْلَ أن لا تَجيءَ جملةٌ مِن مبتدأٍ وخبرٍ حالاً إلاَّ مع "الواو"، وأمَّا الذي جاءَ من ذلك فَسَبيلهُ سبيلُ الشيءِ يَخرجُ عن أَصْله وقياسِه والظاهرِ فيه، بضربٍ منَ التَّأويل ونوعٍ منَ التشبيه، فقَولُهم: "كلَّمتُهُ فوهُ إلى فيَّ"٢، إنما حَسُن بغيرِ "واو" من أجْل أنَّ المعنى: كلَّمْتُهُ مشافِهاً له وكذلك قولُهم: "رجعَ عَوْدُه على بَدْئه"، ٢ إنما جاءَ الرفعُ فيه والابتداءُ من غيرِ "واو"، لأن المعنى: رجَعَ ذاهباً في طريقه الذي جاءَ فيه وأما قولُه: "وجدتُه حاضراهُ الجودُ والكرمُ"٣ فلأَنَّ تقديمَ الخَبر الذي هو "حاضراهُ"، يجعله.


"أي إن "عمرو" إذا ارتفع بيسرع، فلا يمكن أن يكون عاملًا في موضع "يسرع" بشيء من الإعراب، فإنه لا يتأتي أن يكون عاملًا معمولًا لشيء واحد، فيبقى موضع "يسرع" مفرغًا لأن يقدر فيه النصب على الحالية، بخلاف ما لو كان "يسرع" مؤخرًا عن "عمرو امامه"، فإنه إن اتصل "يسرغ" بزيد كان محله النصب، مع أن "عمرو" المبتدأ، عمل في موضعه الرفع، فيأتي التدافع كما سبق".
وبلا ريب البتة، ليس هذا من كلام عبد القاهر.
١ انظر ما سلف من عند الفقرة رقم: ٢٢٦ وما بعدها.
٢ انظر الفقرة: ٢٢٩.
٣ انظر الفقرة: ٢٣٠.