للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الإمام في (المطالب) عن الصوفية أن طريق معرفته الرياضة وتصفية الباطن وهو المراد بالإلهام، الذي ذكره المصنف في باب الاستدلال.

الثالث: قيل: إن هذه المسألة أصل للمسألة السابقة أول العقيدة في التقليد في أصول الدين، فإنا إذا أوجبنا المعرفة امتنع التقليد.

قلت: إن أريد بالمعرفة الجملة فلا شك أنها في فطرة كل أحد فإن معرفة الله الظاهرة مذكورة في النفوس، فإن كل عاقل يعلم أنه مفعول لفاعل، ومعرفته المكتسبة هي التي دعت الأنبياء إليها وهي معرفة ما يجب له وما يستحيل عليه فدعوا كلهم إلى قول لا إله إلا الله وهي على ثلاثة أضرب لا يدركه إلا نبي أو صديق وذلك معرفته بالنور الإلهي من حيث لا يعتريه شك بوجه، كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} وضرب يدرك بغلبة الظن الذي يفسره أهل اللغة باليقين كما قال تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم} وضرب يدرك بالتقليد المحض كما قال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} فالأول يجري مجرى إدراك الشيء من قرب ولهذا قال في وصفهم: {لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} والثاني يجري مجرى إدراكه من بعد، وقد تعرض فيه شبهة لكنها تزول بأدنى تأمل كما قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} والثالث: يجري مجرى رؤية الشيء من وراء ستر كثيف فلا ينفك من شبهات كما أخبر سبحانه وتعالى عمن هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>