للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم:

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له فأربا بنفسك أن ترعى مع الهمل

والمعالي والسفساف كلمتان جامعتان لمدرجي السعادة والشقاوة، والغرض أن من نظر إلى الدنيا بعين الحقيقة وأنها لو كانت كلها مباحة لألهته عما خلق له، وهي لأجله، وهو العبادة انكف عن دني الطريق، وتخلق بالحقائق فإن أبي النفس لا يرضى أن يكون أدنى، وهو يقدر على أن يكون أعلى ولا يميل إلى العوج، وقد هدى إلى الطريق المعلى، فإن سبب المرض المانع من معرفة الله تعالى الإقبال على الشهوات، والحرص على الدنيا، ولهذا قال الشافعي: لو أوصى لأعقل الناس صرف إلى الزهاد وقال يحيى بن معاذ: لو كانت الدنيا تبرا تفنى والآخرة خزفا تبقى لكان ينبغي للمعامل إيثار الخزف الباقي على التبر الفاني فكيف والدنيا خزف فإن الآخرة تبر باق ومما يرغب في الزهد فيها خسة شركائها وقلة وفائها، وكثرة بلائها، وتحقق فنائها ومن أعظمها الغفلة عن الله، وما أحسن قول بعضهم لولده: يا بني لا تغبطن أهل الدنيا على دنياهم، فوالله ما نالوها رخصة والله ما نالوها حتى فقدوا الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>