للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو وقوع في الرعونة في مذهب هذه الطائفة إلا ما فيه من فائدة واحدة ولهذا نطق باسمه التنزيل والسنة ودخل في مسالك المحققين تغشاه حرارة الخوف حتى لا يغدو إلى الإياس قال الشيخ عبد القادر: ما من حال ومقام إلا وله خوف ورجا كجناحي طائر لا يتم الإيمان إلا بهما، غير أن خوف كل ذي حالة ورجاءها بما يليق بهما، وأما ما يحكى عن بعضهم: لست أعبد الله رجاء في جنته ولا خوفا من ناره فإطلاقه إسراف، كيف وقد مدح الله أصفياءه بقوله: {يرجون رحمته ويخافون عذابه} وقال تعالى عن خليله: {واجعلني من ورثة جنة النعيم} والحق أن هذا القول إن صدر إظهارا للاستغناء عن فضل الله وعدم المبالاة بعقوبته، فهو خطأ كفر، وإن صدر لاعتقاده تمحيص العبادة لله تعالى، حتى لو لم يكن هناك جنة ولا نار لعبد، فهو محق وعليه ينزل كلام هذا القائل، فإن للرب سبحانه صفتي جلال وكمال، فلو انتفى الخوف من جهة صفة جلاله، وجبت عبادته من جهة كماله، وقوله: فأصغى إلى الأمر والنهي جعل هذا مرتبا على الخوف والرجاء ومسببا عنه، فإنه إذا تحقق المقامين أصغى لأوامر الله ونواهيه، فامتثل أوامره واجتنب نواهيه، وعبر بالإصغاء للإرشاد إلى أنه لا يكفي مجرد الامتثال بل لا بد من الميل إليه والانقياد والانشراح والتلذذ به، وقوله: فأحبه أي أنه يوصل بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>