للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مقام المحبة فكأن الخوف والرجاء بداية، والمحبة نهاية، ولهذا قال الشيخ عز الدين: المهابة والإجلال أفضل من الخوف والرجاء، فإذا أردت أن تعرف فضائل الأولياء فانظر إلى ما يظهر عليه من آثار المعارف والأحوال، فأيهم غلب عليه أفضلها كالتعظيم والإجلال، فهو أفضل الرجاء، وأيهم غلب عليه أدناها كالخوف والرجاء فهو أدنى الرجاء انتهى.

وحكى الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} عن المتكلمين (١٢٥/ك) أن من عبد الله لأجل الخوف والعقاب والطمع والثواب لم تصح عبادته ولا دعاؤه وحكى ابن الجويني في تفسير سورة الإخلاص قولين في ابتداء المحبة من الله أو من العبد، واحتج الأول بقوله تعالى: {يحبهم ويحبونه}، {ولقد كرمنا بني آدم}، {أني عاجل في الأرض} فهو الذي أحبه أولا وأسجد له ملائكته.

واحتج للثاني بقوله: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} وقوله: {إن الله لا يضيع أجر المحسنين} قال: والأول هو الأصح، والتحقيق أن يقال: إن المحبة أولا من الله تعالى ثم إن العبد إن قابل المحبة بالمحبة وأحب ربه زاد الله في محبته، وإن قابل بغيرها قطع محبته، وبيانه أن الموجود من الله تعالى تعلق الإرادة بخلقه، فإذا أراده أحسن إليه وهو علامة المحبة، فإن شكر الله زاده، وإن كفر به أباده

<<  <  ج: ص:  >  >>