للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الحمل على عمر فيه بعض الشيء؛ وذلك أنه قد توبع على هذا الحديث عن أبي معاوية، فرواه عنه: عبد السلام بن صالح الهروي، ومحمد بن جعفر الفيدي، وأحمد بن سلمة الكوفي، والحسن بن علي بن راشد (١).

لذا فإن يحيى بن معين لم ينكر أن أبا معاوية حدث بهذا الحديث، وإنما أنكر أن يكون حدث به ببغداد كما سوف يأتي عنه.

والجواب عن هذا: أن عمر بن إسماعيل قال: (حدثا أبو معاوية)، وتقدم أن أحمد قال: (ما أراه إلا صدَق). وقد يكون شُبِّه له فأخطأ.

والذي يظهر أن أبا عيسى يقوِّيه، فقد خرّج له خمسة أحاديث (٢)،


= "أنا مدينة العلم" فاضعف وأوهى، ولهذا إنما يعد في الموضوعات المكذوبات وإن كان الترمذي قد رواه، ولهذا ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وبين أنه موضوع من سائر طرقه، والكذب يعرف من نفس متنه، لا يحتاج إلى النظر في إسناده: فإن النبي إذا كان مدينة العلم لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد، ولا يجوز أن يكون المبلغ عنه واحدا؛ بل يجب أن يكون المبلغ عنه أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، ورواية الواحد لا تفيد العلم إلا مع قرائن، وتلك القرائن إما أن تكون منتفية، وإما أن تكون خفية عن كثير من الناس أو أكثرهم فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنة المتواترة، بخلاف النقل المتواتر: الذي يحصل به العلم للخاص والعام. وهذا الحديث إنما افتراه زنديق، أو جاهل ظنه مدحا وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في علم الدين إذ لم يبلغه إلا واحد من الصحابة، ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فإن جميع مدائن المسلمين بلغهم العلم عن رسول الله من غير طريق عليّ ، أما أهل المدينة ومكة … )، ثم ذكر انتشار الصحابة في الأقطار ونشرهم للعلم، وما اختص به كل واحد منهم دون الآخر.
(١) ينظر: "الضعفاء" للعقيلي (٣/ ٩)، "الكامل" لابن عدي (٧/ ٥٠٥)، "تعليقات الدارقطني على المجروحين" (ص: ١٧٩)، "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣٩).
(٢) وهي: (٢٥٣٦) وقال: (حسن صحيح غريب)، (٢٦٨٥)، وقال: (حسن غريب)، (٣٥١٧)، وقال: (حسن غريب)، (٣٧٣٥) وقال: (حسن صحيح)، (٤٠١٩) وقال: (غريب).

<<  <  ج: ص:  >  >>