للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطيرة داخل المجتمعات الغربية، وقد بدأ عصرها الذهبي الحديث من إنجلترا (١)، ثم تُصدر من هناك إلى جرمانيا وفرنسا، وشارك فيها رموز فكرية مثل "بيكون" (٢) فيلسوف التجريب وداعية المنهج التجريبي في أوروبا الحديثة، وكذا "فولتير" (٣) أحد أهم شخصيات الفكر الفرنسي والأوروبي في عصر التنوير، كما أن أخطر ثورة أوروبية قدمت النموذج العلماني، وهي الثورة الفرنسية كان لهم نفوذ كبير فيها لدرجة أن هناك من ينسب لها الثورة.

من المهم هنا أن نذكر أن المحافل الماسونية بعد تحولها إلى الدولة الماسونية الرمزية ضمت إليها العلماء المشاهير، ولاسيّما مع نقمتهم على الأنظمة الموروثة: الدينية والاجتماعية والسياسية، فقد كان المؤسس الحديث للماسونية "ديزاغليه" (٤) من مشاهير الفلاسفة الطبيعيين، وعضوًا في المجمع العلمي الملكي الإنكليزي، وهو أعلى هيئة علمية تجمع العلماء آنذاك. وبرزت بعد ذلك كتيار محب للعلم بعد تمسحها بالعلم والعلوم الجديدة، وكمنبر من منابر التبشير بالعلم الحديث لدرجة أن هناك من يقول عنها: "وظاهر الحال -والحديث هنا عن الظاهر- يدل على أن الماسونية أصلًا كانت ثورة فكرية نشأت للتوفيق بين العلم والدين منذ أن زلزل كوبرنيك وجاليليو وبيكون عالم العلم والدين جميعًا؛ أي: كانت أصلًا ثورة المثقفين المطحونين الرافضين للكثلكة ولحركات الإصلاح الديني والبروتستانتية معًا، فهي تمثل محاولة العقل البشري أن يجد طريقًا ثالثًا بين غيبيات الدين وعقلانية العلم العاجز عن تقديم الحلول لأهم القضايا التي يطرحها الإيمان الغيبي. فهي نوع من الديانة الشخصية لغير القادرين على التحرر من الأديان، أو لعلها نوع من الفيثاغورية الجديدة. ففي الفيثاغورية اختلطت قوانين الرياضيات بالحكمة الدينية" (٥).


(١) انظر: المرجع السابق، التل ص ١٤٣ وما بعدها، وانظر: تاريخ الماسونية، جرجي زيدان ص ١١٦.
(٢) انظر: تاريخ الفكر المصري الحديث. .، د. لويس عوض ص ٢٩٠ - ٢٩١.
(٣) انظر: تاريخ الماسونية، جرجي زيدان ص ١٠٤، وحول الثورة الفرنسية، انظر: الفصلين الأول والثاني من هذا البحث.
(٤) انظر: المرجع السابق ص ٧٠.
(٥) انظر: الفكر المصري الحديث. . . . ص ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>